قبل أيام أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أن الحركة تسير في ثلاثة مسارات في تعاملها مع التحولات الإستراتيجية محليًا وإقليميًا ودوليًا، والمسارات الثلاثة هي: الاستعداد الدائم للمواجهة وبناء وحدة حقيقية وتعزيز التنسيق والتشاور مع المحيط العربي والإسلامي وأحرار العالم.
أما بخصوص المسار الأول وهو الاستعداد الدائم للمواجهة فهو متحقق بوجود قاعدة صلبة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تشارك فيها الفصائل الفلسطينية المختلفة وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام، وإلى جانب القاعدة الصلبة في غزة هناك تطور ملحوظ للمقاومة في الضفة الغربية والتي أصبحت في مواجهة مستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي وتشهد تصعيدًا مستمرًا، في ظل القدرة على التمدد والانتشار في مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس إلى جانب تحركات فردية وجماعية ضد الاحتلال في المناطق المحتلة عام 48، وهذا المسار لا يحتاج إلى توافقات سياسية ولذلك نجده سالكًا بالرغم من محاولة العدو الإسرائيلي منعه بأي شكل من الأشكال ولكن دون جدوى، وهو باعتقادي المسار الأخطر على العدو الإسرائيلي لأنه سيؤدي في النهاية إلى انكساره وزوال الاحتلال.
اقرأ أيضاً: خبير "إسرائيلي": حماس الأسرع والأكثر فاعلية في فهم الفوضى الداخلية لدينا واستغلالها
أما بخصوص مسار الوحدة الوطنية، فهو مسار متعثر جدًا لأنه بحاجة إلى توافقات فصائلية ذات مشاريع سياسية متناقضة، إضافة إلى عقبات ذاتية تتعلق ببعض فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، إذ لم يعد بإمكان تلك الفصائل أن تنخرط في المصالحة الوطنية وأن توافق على الوحدة الوطنية التي من أهم استحقاقاتها هي الانتخابات العامة، إذ تعلم تلك الفصائل أنه إذا جرت انتخابات فإنها قد تخسرها، وتعلم بعض القيادات "التاريخية" أن الانتخابات ستؤدي بالضرورة إلى زيادة الانقسام الداخلي وتشرذم تنظيماتها، ولهذا السبب ألغيت الانتخابات التشريعية في اللحظات الأخيرة بعدما ظهرت عدة قوائم انتخابية لحركة فتح وحدها، ما كان سيؤدي إلى ظهور قيادات جديدة واختفاء أخرى، كما أن بعض الفصائل التابعة لمنظمة التحرير ستختفي إلى الأبد، إذ أثبتت انتخابات الجامعات أن بعضها لم يحصل سوى على واحد بالمئة من أصوات الناخبين وبعضها لم يجتز نسبة الحسم، وبالتالي يفضل بعض الذين يتمتعون الآن بالمناصب والمراكز بقاء الوضع على حاله بدلًا من فقدان كل تلك المزايا من أجل المصالحة والوحدة وممارسة الديمقراطية، ولذلك نقول أن تلك من الأسباب الحقيقية التي تعطل الوحدة الوطنية وليس ظهور أعلام فصائل معينة في القدس كما يدعي البعض.
أما فيما يتعلق بالمسار الثالث وهو تعزيز التنسيق والتشاور مع المحيط العربي والإسلامي وأحرار العالم، فهو مسار مهم وأعتقد ان حركة حماس حققت إنجازات واسعة واستطاعت إحداث اختراقات متعددة، وهذا فيه تعزيز لباقي المسارات وفيه مصلحة لشعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وفيه مصلحة لشعبنا في فلسطين وخاصة فيما يتعلق برفع الحصار عن شعبنا المحاصر في قطاع غزة ورفع المعاناة عن أهلنا فيه.