فلسطين أون لاين

حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد

...
صلاة الجمعة في المسجد الأقصى

حكم صَلاةِ الجُمُعَةِ إذا وَافَقَتْ يَومَ العيد:

إذا اجتمع عِيدَ وجُمُعَةً في يوم واحد، فهل يجوز الترخص بترك الجُمُعَةِ لِمَنْ صَلى العيد؟

الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولا : اختلف العلماء في هذه المسألة إلى ثلاثة أقوال:

1 - قال الحنابلة إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحدِ سَقَطَتِ الجُمُعَهُ عَمَّن صلى العيد إلا الإمام فلا تسقط عنه الجمعة، إلا أن لا يجتمعَ لَهُ العدد المطلوب لانعقادها، وهو عندهم 12 رجلاً.

2 - وقال الشافعية: إنَّ سقوط صلاة الجمعةِ عَمَّن صلى العيدَ رُخصة لأهل البوادي والقرى النائية الذين يأتون إلى المدن والأمصار لصلاة العيد والجمعة مع الإمام: لأنَّ إلزامهم بالرجوع إلى البلد لأداء صلاة الجمعة، بعد عودتهم من صلاة العيد، يجلب لهم مشقة كبيرة .

3- وقال الحنفية والمالكية لا تسقط الجُمُعَهُ عَمَّنْ صلى العيد لأن المكلف مُخاطب بهما جميعا. والقولُ بالترخص بترك صلاة الجُمُعَة لِمَن صلى العيد مروي عن جمع من الصحابة منهم أبو هريرة، وابن عباس، وابن الزبير، وزيد بن أرقم، وهو ما ذهب إليه الشعبي والنخعي والأوزاعي وعطاء وغيرهم من علماء الأمصار رحمهم الله، وهذا ما أميلُ إلى ترجيحه والقول به لصحة أدلته وتخصيصها لعموم أدلة وجوب صلاة الجمعة، ومن ذلك:

(أ) سأل معاوية بن أبي سفيان زيد بن أرقم فقال: "هل شهدت مع رسول الله له عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد، ثم رخص في الجمعة، فقال: مَنْ شَاءَ أن يُصَلِّي فَلْيُصلِّ ". أخرجه أبو داود وابن ماجة، وصححه ابن خزيمة وابن المديني والألباني.

(ب) وعن ابن عمر قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله ، فصلى بالناس، ثم قال: ( مَنْ شَاءَ أن يأتي الجمعة فليأتها، ومن شاء أن يتخلف فَلْيَتَخَلَّفُ ) أخرجه أبو داود وابن ماجة، وصححه الألباني.

(ج) وعن عطاء قال: ( صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد، في يوم جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة فَلَمْ يخرج إلينا، فصلينا وحداناً، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قيم، ذكرنا ذلك له، فقال: أصاب السنة ) أخرجه أبو داود، وصححه الألباني.

(د) إنَّ إيجاب صلاة الجمعة مع انشغال الناس بالعيد وصلة الأرحام، ونحو ذلك يوقع في الحرج. ويجلب المشقة، وهُما مرفوعان عن الأمة بقوله تعالى: ( .. وما جعل عليكم في الدين من حرج ..) الحج 78.

ثانيا: يجب على الإمام أن يُقيم الجمعة: ليشهَدَها مَن لَمْ يَشْهَدِ العيد: لما روى أبو هريرة أن النبي قال: (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون) أخرجه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني: فقد أخبر النبي أنه: ينوي أداءها، وعدم تركها لأنه لو تركها الإمام لامتنع فعل الجمعة في حق من لَمْ يُصَلِّ العيد، مِمَّنْ وجبت عليهم الجُمُعَة، وفي حقِّ مَن رَغِبَ في الفوز بأجرها مِمَّن صلى العيد.

وعليه فإنه يجب على كُلِّ خَطيب أن يذهَبَ إلى مَسجِدِهِ، وأن يُقيم صلاةَ الْجُمُعَةِ بالحاضرين فيه، ولا يُصَلِّى بهم ظهراً؛ لأنَّ اجتماعهم في المسجد قد تحقق، فوَجَبَتْ إِقَامَهُ الْجُمُعَةِ.

ثالثا: تجب صلاة الظهر على مَنْ تَخلَفَ عن صلاة الجُمُعة لِحُضوره صلاة العيد، ولا وجه للقول بسقوط صلاة الظهر عَمَّنْ صلى العيد، اتكاءاً على ما روى أبو داود عن عطاء قال: اجتمع يومُ جُمُعَةٍ ويومُ، قطر، على عهد ابن الزبير، فقال عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعا فصلاهما ركعتين بكرةً، لم يزد عليهما حتى صلى العصر: فليس فيه ما يَدلُّ على أَنَّ ابن الزبير لم يُصَلَّ الظهر في منزله، بدليل أنهم صلوا الظهر وحداناً لعدم خروج الإمام كما جاء في الرواية السابقة عن عطاء، ولا يُعقل أنهم صَلوها جُمُعة ؛ لأنَّ الجُمُعة لا تصح إلا جماعة، ولو سقط وجوبُ الظهر عنهم لَمَا صَلوهُ وحدانا، كما أنَّ فِعل الصحابي من غير الخلفاء الأربعة ليس مصدراً للتشريع في الراجح لعدم العصمة.

مفتي محافظة خان يونس الشيخ / إحسان إبراهيم عاشور

المصدر / فلسطين أون لاين