فلسطين أون لاين

داخل "جدران بلا سقف".. تقاسي أمٌ وأبناؤها السبعة "شظف العيش"

...
داخل "جدران بلا سقف".. تقاسي أمٌ وأبناؤها السبعة "شظف العيش"
غزة – فاطمة الزهراء العويني:

"جدرانٌ فقط" هو المنزل الذي يضم السيدة "ن" وأبناءها بعيدًا عن أعين الناس، فيما داخله يطحن الفقر قلوب وعقول وحتى أمعاء ساكنيه، فهو يخلو من أبسط مقومات الحياة الكريمة.

داخل هذه الجدران غير المسقوفة تعيش "ن" مع أبنائها السبعة، يتكوَّمون جميعًا في الغرفة المسقوفة الوحيدة في عز الشتاء والصيف، فوق الرمال التي يغطونها بـ"الحصير" كي يستطيعوا الجلوس والاستلقاء فوقها في ظل كونها غير مبلطة.

ويخلو المنزل من أي نوعٍ من أنواع الأثاث، سوى من ألواح خشبية ومعدنية جمعتها الأسرة من هنا وهناك ورصّتها فوق بعضها البعض لتصبح رفوفًا تضع عليها ثيابها، ومستلزماتها القليلة جدًا، حيث فقدت "الخزانة" الوحيدة التي كانت تملكها في الشتاء الأخير بعد أن تشبعت بالمياه وتفككت ولم تعد صالحة للاستخدام.

فيما تضع الأسرة بقية ملابسها في أكياس بلاستيكية، في بيتٍ يخلو من أي نوع من الأثاث، وحتى الكهرباء والماء، حيث لا يمكن بمكان وصلهما لكون الجدران غير مقصورة، تقول بأسى: "لا يوجد لدينا سوى سلك كهرباء واحد يمده لنا شقيق زوجي ليشغل الثلاجة المتهالكة والفارغة من الطعام، فيما المياه لا يوجد لدينا سوى خط البلدية الذي نستخدم به حنفية واحدة فقط".

وتضيف: "المياه التي نحصل عليها من هذه الحنفية هي لكل الاستعمالات في المنزل، نقف طابورًا لنتمكن من استخدامها وقضاء احتياجاتنا".

أبناء مرضى

والمنزل الذي بُنيت جدرانه من قبل رب الأسرة قبل اثني عشر عامًا ظل على حاله منذ ذلك الوقت بعد أن تزوج الأخير بامرأة أخرى وهجر "ن" بأولادها، ولم يعدْ ينفق عليهم شيقلًا واحداً أو يتفقدهم حتى.

وفي داخل المنزل غير المعمور تجابه "ن" شظف العيش مع أبنائها الأصحاء الذين تسربوا من المدارس لعجزها عن توفير مصاريفهم، والمرضى الذين لا تستطيع توفير تكاليف المدارس المناسبة لوضعهم الصحي الخاص، حيث الابن الأصغر "13 عاماً" مُصاب بمتلازمة "داون" ولديها ابنُ آخر يعاني صعوبات في التعلم أما الابن الثالث فيعاني تقوسًا في قدميه وصعوبة في المشي.

وتتابع: "أبنائي الثلاثة بحاجة إلى مدارس خاصة بحالتهم الصحية لكنني لا أملك قوت يومي كي أستطيع تدريسهم في هذه المدارس وتحمل تكاليفها، وما يزيد الأمر وطأة أن ابنتها الوحيدة قد تركت بيت زوجها مع طفليْها وجاءت للعيش معها".

وتشير إلى أنّها تعتمد في تدبر "طعامها اليومي" على أهل الخير، في ظل انقطاع الشؤون الاجتماعية وتكدس الديون عليها، "نأكل مما يجود به الخيّرون، طوال رمضان ونحن نأكل بطاطا وعدس و"قلاية بندورة" هذا ما توفر لنا".

فصاحب البقالة يريد منها 450 شيقلًا، "هذا جزء من ديوننا، فلدينا دين مستحق للصيدلية قرابة الـ 500 شيكل، فابني الذي يعاني متلازمة "داون" يحتاج إلى حفاضات لأنه لا يسيطر على قضاء حاجته في أثناء النوم".

أمنيات

أمنيات هذه الأسرة كبيرة تفوق حجم الفقر الذي يعانونه والجدران الصماء التي تلفهم دون أنْ توفر لهم أي مقومات للحياة الطبيعية، "نحتاج كل شيء، نريد استكمال بناء منزلنا وسقفه، أن نمد خطوط الماء والكهرباء، أنْ يكون لدينا أثاث، أن يتوفر لنا مصدر دخل، وغيرها الكثير".

وأمام إدراك الأسرة لصعوبة تلبية مطالبها جميعاً، فإنهم إعمار المنزل ليصبح صالحاً للاستخدام الآدمي يبقى حلمهم الأكبر، "نريد أن نرى سقفًا يسترنا، وأرضية من البلاط نسير عليها بدلًا من الحجارة والرمال التي تمثل خطورة على أولادي في حال وقع أحدُ منهم".

وتضيف "ن": "أتمنى أن أمتلك غسالة تُريحني من عناء الغسيل اليدوي، في ظل عدم قدرتي على محاصرة الغسيل فملابسنا تتسخ ونحن جالسون في وسط منزلنا".