مع مرور أربعة عشر شهرا على اندلاع حرب أوكرانيا، وتوالي التخمينات بشأن الدور الإسرائيلي فيها، فقد كشفت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية في الأيام الأخيرة عن وثيقة شديدة السرية خاصة بوزارة الدفاع- البنتاغون، توضح بالتفصيل الخيارات التي قد تسبب تغيرا مفاجئا في السياسة الإسرائيلية فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية لأوكرانيا، بما في ذلك الضغط الأمريكي الشديد عليها، لمواجهة توسيع المساعدات الروسية لإيران، وعدم التركيز بشكل حصري تقريبًا على المساعدات الإنسانية.
إحدى الوثائق التي كشفت عنها صحيفة نيويورك تايمز عنوانها "إسرائيل: طرق لتزويد أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة"، وجاء فيها أن دولة الاحتلال ستنظر على الأرجح في تقديم أسلحة فتاكة تحت ضغط أمريكي شديد، حتى لو أسفر عن تدهور علاقاتها مع روسيا، لكن السيناريو الأكثر ترجيحاً يتمثل بأن يتبنى الاحتلال ما يسمى "النموذج التركي" القائم على تزويد أوكرانيا بأنظمة دفاعية فتاكة من خلال طرف ثالث، مع الاستمرار في دعم الحل السلمي للحرب، وعرض استضافة محادثات الوساطة بينهما.
الوثيقة الأمريكية زعمت أن تركيا حافظت على علاقات جيدة مع روسيا، رغم تزويدها أوكرانيا بالسلاح، ووضعت أربعة سيناريوهات إضافية، أولها تشجيع دولة الاحتلال على إمدادها بالسلاح، وثانيها احتمال قيام روسيا بنقل أنظمة استراتيجية لإيران، وتوسيع مساعداتها للبرنامج النووي الإيراني، وثالثها ينطوي على استفادة الولايات المتحدة من طلب إسرائيلي لمساعدة إضافية في الحرب ضد إيران، ورابعها استخدام أنظمة الدفاع الجوي الروسية ضد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي تهاجمها في سوريا.
مع العلم أن تفاصيل الأسلحة التي يمكن أن تزودها دولة الاحتلال لأوكرانيا تشمل نظام الدفاع الجوي "باراك 8"، وصاروخ "سبايك" المضاد للدبابات، في حين اتخذت موقفًا واضحًا للغاية بدعمها أوكرانيا منذ اليوم الأول للحرب، وقررت التركيز على المساعدات الإنسانية، بالتزامن مع المخاوف من نفاد نظام الدفاع الجوي الأوكراني من الصواريخ، وقد تكون أنظمة إس300 خارج الخدمة بحلول مايو.
اللافت أن تسريب هذه الوثائق يتزامن مع دخول الشهر الرابع للحكومة اليمينية الفاشية التي أوضحت أنها لا تنوي الخروج عن الخط الذي قادته منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ويرسم الخط الفاصل بين المساعدات الإنسانية والعسكرية المقدمة لها.
يتطابق هذا التسريب مع ما قدمه وزير الحرب السابق بيني غانتس في أكتوبر من حزمة مساعدات أخرى لأوكرانيا، موضحا أن "السياسة لن تتغير، لأننا سنواصل الوقوف بجانبها، دون نقل أنظمة الأسلحة إليها".
الخلاصة أن صدور هذه الوثائق الأمريكية المسربة يأتي بعد أشهر قليلة من توجه الاحتلال لابتكار حزمة مساعدة جديدة لأوكرانيا بتزويد بناء نظام إنذار صاروخي ذكي، على غرار الموجود لديه.