ما يفتأ الاحتلال يستغل كل فرصة متاحة للتحريض على فلسطينيي 48، من خلال استعراض جملة من السيناريوهات التي تخشاها المؤسسة الأمنية والعسكرية للاحتلال، على صعيد اندلاع اشتباكات قد تشهدها البلدات الفلسطينية في الداخل المحتل، التي يسميها الاحتلال "المدن المختلطة".
مناسبة هذا الحديث أنه في نهاية تقييمات الوضع الأمني، فقد طالب المستوى السياسي الإسرائيلي بالتحضير لاحتمال نشوء ساحة داخلية بعد الأحداث في المسجد الأقصى، وفيما سيزيد الجيش من قواته في الضفة الغربية، فقد قامت الشرطة بتعزيز قواتها وعناصرها في المناطق الفلسطينية في الداخل المحتل.
مع العلم أنه في المباحثات التي أجراها كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي في الأيام الأخيرة لتقرير كيفية الرد على إطلاق الصواريخ من غزة ولبنان وسوريا، فقد نشأ أيضًا الخوف لديهم من اندلاع أحداث ميدانية في الداخل المحتل، على غرار هبة الكرامة في مايو 2021.
سيناريو التصعيد الذي ظهر في المحادثات الأمنية الاسرائيلية الداخلية يشمل احتمالية نشوب صراعات على الساحة الفلسطينية اليهودية في الداخل، حيث يقوم فلسطينيو48 بأعمال احتجاجات في جميع أنحاء المدن المحتلة بسبب الأحداث في المسجد الأقصى، والخوف الاسرائيلي أن يتبنوا الرواية التي تنتشر بشكل أساسي على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفيد بأن "الأقصى في خطر"، وينزلون إلى الشوارع.
الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي شهدت وقوع حوادث طفيفة لم تتوسع في "المدن المختلطة"، لكن الخوف الإسرائيلي يتمثل بنشوء ساحة احتجاجات داخلية تستدعي معالجة عاجلة لها، مع العلم أنه بتوجيه من رئيس الوزراء، وبعد الهجمات الأخيرة في قلب الداخل المحتل، فقد أمر الشرطة بتعبئة جميع وحدات حرس الحدود لتعبئة قوات إضافية.
لا تخفي محافل الاحتلال خشيتها من أن الإنجاز الفلسطيني الحقيقي يتمثل بانخراط أشقائهم من فلسطينيي 48 في المواجهات الدائرة حالياً مع كل الجبهات، وإدخالهم في صلب معركة الأقصى لأنها "معركتنا جميعا"، وهم الذين واجهوا قوات الاحتلال في مدن الرملة واللد ويافا وعكا، بحيث يتحقق الطموح الفلسطيني بربطهم مع باقي أماكن تواجد الفلسطينيين بقضية القدس والأقصى، العنوان الذي يجتمعون عليه، والكفيل بإذابة الخلافات بينهم.
صحيح أن الجهود الاسرائيلية منصبّة هذه الأيام على محاولة إخماد النيران التي قد تشتعل في أي لحظة بين فلسطينيي48، ولذلك جاء ابتداع "الحرس القومي" التابع للوزير الفاشي ابن غفير بهدف القضاء على أي هبة شعبية لفلسطينيي 48، وقطع أي تواصل لهم مع أشقائهم في الضفة وغزة والقدس، لكن المخاوف الاسرائيلية ما زالت في ذروتها، نظرا للاعتقاد السائد أن ما حصل في 2021 في يافا وعكا واللد قابل للتكرار في 2023، وبصورة أشد قوة وأوسع انتشارا.