فلسطين أون لاين

بأصابع مبتورة.. حامد يعجز عن إعالة أسرته

...
بأصابع مبتورة.. حامد يعجز عن إعالة أسرته
غزة/ أدهم الشريف:

ما إن تنظر في عيني يحيى حامد حتى تشعر بحجم الألم الذي يفرض نفسه بقوة عليه وعلى أفراد أسرته، في بيت لا توجد فيه مقومات وسُبل العيش الكريم.

لم يكن ذلك الألم ناتجًا عن ظروف عابرة تأثر بها أفراد الأسرة؛ فهي تعيش أحوالًا لا تطاق منذ سنوات طويلة تسبب بها الفقر الذي تعانيه، بالرغم من محاولات حامد التي لا تنتهي للبحث عن عمل، لكن دون جدوى.

تُواجه محاولات حامد (44 عامًا) في البحث عن العمل بالرفض القطعي من أصحاب العمل، وحين سألناه عن السبب أشهر كفيه أمامنا وإذا بخمسة أصابع مبتورة، بواقع إصبعين في الكف الأيمن "السبابة والإبهام"، وثلاثة في الكف الأيسر "الإبهام، السبابة، الوسطى".

أدركت حينها مراحل المعاناة التي مر بها هذا الرجل والمسؤول عن إعالة نفسه وأفراد أسرته المكونة من 10 أفراد، من بينهم زوجته، وأبنائه وبناته التسعة.

ففي عام 2007 أصيب حامد بجروح حرجة بعد انفجار جسم مشبوه كان قد التقطه ليعرف ماهيته قرب منطقة سكنه في تل الزعتر، شمالي قطاع غزة، تسبب ببتر أصابع يديه، وكذلك أصيب ساقه الأيمن بشظايا سببت فيها تهتكًا للنسيج العظمي وقصر 2 سنتيمتر قرب مفصل الركبة.

بالرغم من الإصابة الخطيرة التي توقف عليها مستقبل هذه الأسرة الفقيرة، لم يدع حامد بابًا إلا وطرقه للبحث عن أي عمل، كما يخبر، لكنه يأسف لارتطام تطلعاته برفض أصحاب المهن والأعمال تشغيله بسبب البتر في كفيه.

يعبر حامد في حديثه لـ "فلسطين" عن استعداده للعمل في أي مجال مقابل أن يحصل على دخل يمكنه من إعالة أسرته.

كان حامد قبل الإصابة يعمل خياطًا، لكن لم يعد قادرًا على ممارسة هذه المهنة بعد أن بترت أصابعه.

ويضيف أنه يلجأ وأبنائه الذكور وعددهم أربعة إلى جمع العبوات المعدنية للمشروبات الغازية، وقطع بلاستيكية منوعة، لبيعها مقابل ثلاثة شواقل للكيلو الواحد منها.

كما أن حامد أصبح غير قادر على توفير نظارة طبية خاصة لابنه محمد البالغ (3 أعوام) وكذلك ابنته آيات (14 عامًا)، تبلغ قيمة الواحدة منها 200 شيقل، إذ يعانيان من انحراف شديد وعدم تركيز في النظر، وقد تتضاعف حالتهما إذا استمرّ عدم استخدام نظارة طبية.

أما عن زوجته سونيا حامد (37 عامًا) فأكثر ما يؤلمها أن ابنتها ضحى (10 أعوام) كفيفة منذ ولادتها، وليس بإمكانها الحركة إلا بمساعدة أحد.

وتوضح أن غالبية أبنائها حرموا من الدراسة في المدرسة بسبب توجههم للعمل مع والدهم في جمع العبوات الفارغة وغيرها.

وتعيش هذه الأسرة الفقيرة في بيت بالإيجار غير صالح للسكن أصلًا، بقيمة 250 شيقل شهريًا، وهي لا تملك المال اللازم لسداد قيمة الإيجار باستمرار، ما يجعلها مهددة بالطرد في أي وقت، كما يقول حامد.

وأضاف حامد: تنقلت بين أكثر من 30 شقة سكنية بسبب عدم الالتزام بدفع الإيجار الشهري.

وقد تسببت الظروف الصعبة التي تعيشها أسرته بتردي حالته النفسية، وفق تقرير طبي صادر عن عيادة أبو شباك للصحة النفسية، واطلعت عليه "فلسطين"، ويثبت أن حامد "يعاني من اضطراب في السلوك ومحاولة إيذاء الآخرين وعصبية، وقد تم تحويله للمستشفى، لكنه رفض ذلك".

ومن أجل استقرار حالته النفسية، يتوجب على حامد تناول العلاجات النفسية باستمرار.

لكن هذا الرجل لم يعد يهتم بنفسه كثيرًا، وهو يتطلع إلى تقديم يد العون لأسرته وتمكينها من إعالة نفسها.