بعد مرور أكثر من عشر سنوات عجاف على قطاع غزة صارت شريحة عريضة فيه تخشى حتى من التفاؤل، تمتعض من كلام مفترض أن يحمل الأمل والبشائر كتصريحات السياسيين عن اقتراب فتح معبر رفح أو دخول الوقود أو إعادة جدولة برنامج الكهرباء، حتى كلمة "انفراجات" لم يعودوا يطيقون سماعها.
لا ألوم المتشائمين في قطاع غزة، لأنهم سمعوا الكثير الكثير من البشائر ولم تتغير أحوال غزة بل سارت نحو الأسوأ ولا يستطيع إنسان أن ينكر ذلك أو ينفيه، ولكن هل نستسلم لليأس أم نقنط من رحمة الله ؟ حياتنا وأقدارنا بيد الله وحده ولا تغيرها قوة مهما بلغت عظمتها، ولا يغيرها العدو الإسرائيلي، كما لا يغيرها من هو أقل شأنا منهم.
دولة الاحتلال (إسرائيل) هي المسؤول الأول والأخير عما يعانيه قطاع غزة وما تعانيه الضفة الغربية، ولكن هناك ممارسات داخلية تزيد من وطأة الاحتلال وجرائمه ضدنا، الفلسطينيون يستطيعون الصبر على المحتل دون استسلام أو إذعان، ولكن ماذا يمكنهم أن يفعلوا للانقسام الداخلي ومضاعفاته وآثاره إذا لم تتصالح الفصائل؟ ماذا يمكنهم أن يفعلوا حين يدفعون ثمن مناكفات لا ناقة لهم فيها ولا جمل ؟
أكاد أجزم أن ارتفاع تركيز التشاؤم لدى شعبنا الفلسطيني هو نتيجة الممارسات الداخلية الخاطئة سواء كانت لسياسيين أو لإعلاميين رسميين وغير رسميين، فالوعود كثيرة والأكاذيب كبيرة، والإرادة غائبة، وكذلك التخطيط والإنجازات، حتى أصبح الشعب ومشاكله في وادٍ والقيادة في وادٍ آخر، فماذا يهمني أن اطلع الأجانب على مشاكلي أم لم يطلعوا إن كانوا سببا في حصاري والمؤامرة ضدي ومصرين على خنقي وقتلي ؟.
شعبنا الفلسطيني يريد إنجازات حقيقية ولا يريد تصريحات لا تزيد ساعة واحدة إلى جدول الكهرباء، ولا تملأ بطن جائع... بصراحة : عيب أن ندعي أننا نريد دولة وما زلنا نتحدث عن جدولة الكهرباء وجدولة ساعات فتح معبر رفح ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، لا يجوز لنا أن نفتخر بانتصارات وهمية مثل منع (إسرائيل) من الانضمام إلى مؤتمر ما، أو اعتراف العالم بنا ونحن لا نعترف بأنفسنا.