صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من إجراءاتها العنصرية ضد فلسطينيي الداخل في الآونة الأخيرة عبر سلسلة قرارات وخطوات عملية على الأرض، خشية تكرار الانتفاضة الشعبية التي واكبت معركة "سيف القدس" عام 2021.
ويرى مراقبون أن حكومة المستوطنين تخشى تكرار "هبة الكرامة" التي اندلعت في مدن الداخل المحتل، لكونها جسّدت حالة التلاحم والتكاتف بين فلسطينيي الداخل وقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة في معركة "سيف القدس" التي خاضتها المقاومة في غزة رفضًا لانتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح المقدسي.
وقالت صحيفة "هآرتس" العبرية، إن "المنظومة الأمنية الإسرائيلية تستعد لسيناريو على غرار المواجهة التي حدثت مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عام 2021، بعدة إجراءات جرى مناقشتها داخل أروقتها.
وبحسب الصحيفة، فمن بين ما تم التركيز عليه تعبئة قوات الاحتياط من جيش الاحتلال للتعامل مع أي أحداث غير عادية قد تشهدها مدن الداخل المحتل.
ويقول الباحث في العلوم السياسية في الناصرة ساهر غزاوي، إنه منذ انتهاء معركة "سيف القدس" لم تتوقف التصريحات الإسرائيلية حول تجدد اندلاع المواجهات في مدن الداخل المحتل.
وأضاف غزاوي في حديث مع صحيفة "فلسطين": "استخلاصًا للعبر من أحداث هبة الكرامة، حولت هذه التصريحات والتقديرات الإسرائيلية إلى ترجمة عملية على أرض الواقع بإعداد خطة عسكرية خاصة لتحصين الجبهة الداخلية".
وأوضح أن التحصين يأتي عبر حشد قوات ما تسمى بـ"حرس الحدود" ونشرها بمحيط البلدات العربية والمدن الساحلية وعلى الطرقات الرئيسة في أراضي الـ48 من أجل دعم شرطة الاحتلال في فرض السيطرة والنظام وضمان تنقل قوات الاحتلال في الطرقات والمحاور الرئيسة والمناطق المتاخمة للقواعد العسكرية.
وتجسدت آخر الاستعدادات، وفق غزاوي، بوضع خطة مليشيات بن غفير الجديدة التي ستكون كقوات شبه عسكرية ستستخدم في أوقات الطوارئ بمناطق الـ48 وتتعامل أساسًا مع أي أحداث قومية في أوساط فلسطينيي الداخل.
وصدقت حكومة الاحتلال المتطرفة قبل أيام على إقامة ميليشيا مسلحة تحت مسمى "الحرس الوطني" تتبع مباشرة لوزير ما يسمى الأمن القومي "إيتمار بن غفير" دون الرجوع للشرطة.
وبيّن غزاوي أن الاحتلال ينظر لفلسطينيي الداخل نظرة استعلائية فوقية عنصرية، مستدركًا: "في المقابل نجح هؤلاء الفلسطينيون بأداء دور مركزي في نصرة القضايا الفلسطينية والمقدسات والقدس والأقصى وقدموا في سبيلها التضحيات".
وأضاف أنه "في كل محطة من محطات الصراع يبدد الفلسطينيون أوهام مشاريع الأسرلة والاندماج والانسلاخ من القضايا والثوابت الوطنية الدينية العروبية".
اقرأ أيضاً: الاحتلال يصدر أحكامًا قاسية بحق شقيقين من عكا على خلفية "هبة الكرامة"
وأكد أن "سيف القدس" مثلت ضربة موجعة وصفعة مدوية لصناع القرار السياسي والأمني في كيان الاحتلال.
وبيّن "غزاوي" أن الاحتلال فشل في محاولات كيّ وعي فلسطينيي الداخل، مشيرًا إلى أن النخب الشبابية المسلحة بالوعي والانتماء تقود الحراكات الجماهيرية والشعبية في مدن الداخل المحتل.
أمر مقلق
من ناحيته، يقول الباحث السياسي من النقب سالم الوقيلي، إن هناك تغييرًا تامًا في السياسة الإسرائيلية التي اتجهت أكثر لليمين المتطرف عبر تشكيل حكومة فاشية متطرفة.
وأوضح الوقيلي لـ"فلسطين"، أن منظومة أمن الاحتلال تعد تلاحم فلسطينيي الداخل مع غزة والضفة "أمرًا مقلقًا" يجب مواجهته عبر سلسلة من الإجراءات العنصرية، لافتًا النظر إلى أن حالة التلاحم التي يرافقها تصاعد وتيرة العمليات البطولية تدفعها لممارسة العنف ضد فلسطينيي الداخل.
وأكد أن "سيف القدس" مثلت ضربة قاسية وضوءًا أحمر لقادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، مشيرًا إلى أن الاحتلال يسعى لتفريق فلسطينيي الداخل عبر زيادة رقعة جرائم القتل بينهم وإشغالهم بأزماتهم الداخلية من أجل الاستفراد بهم.
ويجزم أن فلسطينيي الداخل لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام جرائم الاحتلال حيث سيتصدون له عبر تكثيف الاحتجاجات والمظاهرات التي قد تصل إلى "هبة الكرامة 2".
ودعا الوقيلي الشعب الفلسطيني إلى ضرورة التلاحم ووضع الخلافات السياسية جانبًا، من أجل مواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية.