فلسطين أون لاين

​يحدث الكثير حين يسلب الوالدان من الطفل درع الأمان

...
غزة - فاطمة أبو حية

بعد أن ملّت الطفلة من استجداء أبويها بالتحرك لوقف أبناء الجيران عن ضربها، لجأت إلى جارها، لتطلب منه، والدموع تنهمر من عينيها، أن ينهى أقرانها عن الإساءة لها، وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها لغير أهلها، ومبررها في ذلك أن أبويها لا يحميانها من الآخرين إذا طلبت منهما المساعدة، هذه الطفلة فقدت الشعور بأن أبويها مصدر أمان لها، فكيف يؤثر هذا الأمر عليها وعلى أمثالها من الأطفال؟

رئيس قسم الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في الإدارة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة إسماعيل أبو ركاب يقول لـ"فلسطين": "في فترة مبكرة من حياة الطفل، يبدأ باكتشاف البيئة المحيطة وبالتعرف على وسائل الأمان في محيطه، ليكتشف فيما بعد أن الوالدين هما مركز الأمان لما يشكلانه من درع واقٍ لسلامة ذلك الطفل من المخاطر المحيطة، فهما من يوفران له كل سبل العيش الآمن، من مأكل ومشرب وحماية جسدية".

ويعزو عدم شعور الطفل بأن أبويه مصدر أمان له إلى عدة أسباب، أولها غياب الوفاق بين الأبوين، مشيرا إلى أن الدراسات أثبتت أن الأم والأب المتوافقين يشعر أطفالهما بالأمان وينعدم لديهم الشعور بقلق المستقبل، والعكس صحيح .

ويقول أبو ركاب: "من أسباب فقدان الطفل للشعور بأن أبويه مصدر أمام اختلال مفاهيم التربية والتنشئة بين الوالدين، وكذلك فإن القسوة الزائدة والدلال الزائد يشعران الطفل بعدم الأمان، وقلة الاهتمام والتفريق بين الأبناء يزيدان من المشكلة، إلى جانب كثرة المشاكل الأسرية واستمرارها داخل البيت".

ويضيف: "لكل فعل رد فعل، وهذه القاعدة تنطبق هنا أيضاُ، فانعكاس الشعور بعدم الأمان له أكثر من منحي خطير، يبدأ أولها باختلال مفهوم الطفل عن نفسه، وانعكاسات على شخصيته منها الغيرة والعدوانية واللامبالاة ومص الأصبع للصغار".

ويتابع: "العلاقة بين الطفل ووالديه علاقة طردية، كلما زاد الاهتمام والشعور بالأمان، زادت قوة العلاقة بينهما وانعكست علي السلوكيات بالإيجاب، وكلما شعر الطفل بالتهديد في تلك الجوانب انعكس ذلك علي سلوكه سلباً".

ويواصل: "أثبتت الدراسات أن ناتج العلاقة بين الطفل والأسرة وخصوصاً الوالدين له التأثير الاكبر على تركيبة شخصية الابن، فأغلب المشاكل والعقد النفسية في المستقبل تحددها علاقة الأمان بين الطفل والوالدين في فترة الطفولة المبكرة، وأغلب مشاكل "الشخصية" في المستقبل يحددها مجموعه عوامل من أهمها العلاقة الابوية، فالشخصية الانطوائية والشخصية الخجولة والشخصية العدوانية والشخصية المضادة للمجتمع كلها نتاج تلك التربية والتنشئة في فترة الطفولة المبكرة".

وينصح أبو ركاب الآباء والأمهات، من أجل إشعار الابن بالأمان، بضرورة احترام كينونة الطفل واعطائه الحرية الكافية للتعبير عن أفكاره ومشاعره، وكذلك الحرية في اللعب، وعدم إشراك الأطفال في مشاكل آبائهم سواء بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة، وأن يظهر الوالدان للأطفال الجانب المشرق في علاقتهما وإخفاء خلافاتهما، وكذلك احترام رأي الطفل، وتكليفه ببعض المهمات التي تناسب سنه، وعلى الوالدين عدم التفريق في المعاملة بين الأبناء.