بعد اتفاقه مع نتنياهو لإنشاء ميليشيا الحرس مقابل تأجيل الانقلاب القضائي، حصل بن غفير على ما يريد، مما أثار انتقادات قانونية وأمنية حول تداعياتها، وهل سيجتاز تشكيلها اختبار المحكمة العليا، وسط مخاوف من استخدامه ضد المنافسين السياسيين، ولمصلحة مؤيدي معسكر اليمين، واستغراب من تأسيس قوة شرطة أخرى في الدولة تابعة للوزير، فضلًا عن جوانبها الإجرامية بحق أهلنا فلسطينيي الـ48.
تجدر الإشارة أنه يوجد اليوم حرس تابع لشرطة الاحتلال، وهي قوة تعزيز خاصة على أعلى المستويات، ما سيثير نقاشًا حول أن يكون الحرس الجديد الخاص بابن غفير قوة جديدة، مع العلم أن قادة الشرطة لا يعرفون حقيقة الموقف، لأنهم سمعوا ذلك عبر الإعلام مثل بقية الإسرائيليين.
من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة مناقشة للأمر بين الوزير وقائدَي الشرطة وحرس الحدود، لكن المعروف أن بن غفير يريد إنشاء جهاز منفصل، مختلف عن القوة الموجودة حاليًا، بدليل أنه أخذ ضباطًا من مواقع مختلفة من حرس الحدود، مما أغضب قيادة الشرطة، صحيح أن الأهداف المعلنة لتشكيل الحرس هي محاربة الجريمة، لكن هناك تقديرات بوجود أهداف أخرى غير علنية.
وبالرغم من توفر ميزانية لتعيين 1825 جنديًا وضابطًا في ميليشيا الحرس الجديد، وميزانية تزيد عن مليار شيقل، فإن هناك جملة أسئلة قانونية حول مشروعية تشكيلها، ومسألة الصلاحيات الممنوحة لها، وقضية تبعيتها للشرطة أم للوزير، ولا سيما أنه كلما كانت منفصلة تمامًا، وتخضع مباشرة لبِن غفير، وذات قدرات وصلاحيات واسعة، فسيكون الأمر أكثر إشكالية.
مع العلم أن القيادة السياسية مطالبة بالسيطرة على المستويين الأمني والعسكري، وهناك مخاوف من أن سياسيًا ما من أي حزب، لديه ميول معينة لاستخدام صلاحياته خارج نطاق القانون، قد يستخدم هذه الميليشيا ضد منافسيه السياسيين، ولمصلحته وأنصاره.
في الوقت ذاته، فإن الإصرار الإسرائيلي على تشكيل ميليشيا الحرس، وبصلاحيات واسعة، يأتي للحيلولة دون اندلاع هبة الكرامة من جديد في أوساط فلسطينيي 48، ما يستدعي حالة من "كيّ الوعي" لدولة الاحتلال، التي باتت ترى في جبهتها الداخلية عنصر قلق وتوتر أمني حقيقي، في حين وجهت كل تركيزها نحو الجبهات الخارجية، وهذا مصدر تخوف جديد يضاف للتخوّفات المستندة للمخاطر المتراكمة من الجبهات المحيطة بالاحتلال: جنوبًا وشرقًا وشمالًا، برًا وبحرًا وجوًا.
في الوقت ذاته، لا يضمن تشكيل هذه الميليشيا توفير الأمن الكامل للاحتلال مائة بالمائة، في ظل عدم قدرة هذه الآلاف الجديدة من أفراد الشرطة وحرس الحدود والمتطوعين على وصول كل نقطة توتر أمني، فضلًا عن حالة التراخي التي ستصيبهم بعد مدة من الزمن، مما يصيب أي قوات نظامية منضبطة، فكيف لو كان الحال مع قوات متطوعة، وليست منخرطة بصورة إلزامية.