فلسطين أون لاين

تقرير البؤس يفترس الفلسطينيين في لبنان مع شحّ المساعدات وانهيار الليرة

...
صورة أرشيفية
بيروت-غزة/ جمال غيث:

يغادر يزن خليل بعد منتصف الليل منزله في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لجمع البلاستيك و"الخردة"، ثم بيعها مقابل مبلغ مالي زهيد يُمكّنه من توفير جزء يسير من متطلبات أسرته، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة السلع الأساسية، من جراء ارتفاع سعر الدولار الأمريكي وانهيار الليرة اللبنانية.

ويتنقل الأربعيني خليل، الذي يعيل أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، بين أزقّة وشوارع المخيم حاملًا على ظهره كيسًا يضع بداخله كل ما يصادفه في طريقه من "بلاستيك" و"خردة"، ثم يعود إلى منزله فجرًا ليبدأ عملية الفرز، فيأخذ ما يصلح منها ويبيعها لأحد التجار.

ولجأ خليل، وفق ما أخبر صحيفة "فلسطين"، لجمع الخردة من أجل توفير قوت عائلته بعد تقليص الخدمات التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والتباطؤ في تقديم المساعدات الإغاثية من جراء تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، وارتفاع سعر الدولار، وانهيار الليرة اللبنانية.

وأشار إلى أنه يعمل في ساعات الصباح في مجال البناء إذا سمحت له الفرصة، ويجمع الخردة من شوارع المخيم مساء لتوفير أجرة منزله وبعض احتياجات أسرته الأساسية.

ويُبيّن أنّ ما يحصل عليه من أموال -تُقدّر بنحو 700 ألف ليرة لبنانية (قرابة 5 دولارات)- يشترى به ربطة خبز وبعض الاحتياجات المنزلية تكفيه ليوم أو يومين فقط.

ويعاني اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات اللجوء في لبنان تدهور أوضاعهم الاقتصادية، فبعضهم بات غير قادر على شراء وجبة واحدة يوميًّا إن وجدت لتناول طعام الإفطار أو السحور، وسط أوضاع اقتصادية متدهورة غاية في الصعوبة من جراء استمرار الأزمات التي تشهدها البلاد وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ويقيم نحو 210 آلاف لاجئ فلسطيني في لبنان، من ضمنهم 30 ألفًا قدموا من سوريا في السنوات العشر الماضية، بحسب إحصائية صادرة عن "الأونروا" العام الماضي، في حين يعيش قرابة 93% منهم تحت خط الفقر.

أوضاع صعبة

وقال اللاجئ محمد قدورة، المقيم في مخيم عين الحلوة: إنّ شهر رمضان يمرُّ هذا العام في ظلّ أوضاع صعبة يعيشها اللاجئون.

وأضاف قدورة لصحيفة "فلسطين"، أنّ أسواق المخيمات الفلسطينية في شهر رمضان من العام الماضي، كانت تعجُّ بالمتسوقين الذين يقصدونها من أجل توفير طعام السحور والفطور وبكميات وافية، على عكس العام الجاري الذي يشهد ضعفًا في الحركة الشرائية.

وذكر قدورة لصحيفة فلسطين، أنّ اللاجئين لا يشترون حاليًّا إلا جزءًا يسيرًا من احتياجاتهم نظرًا لارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير جدًّا.

وبيّن أنّ بعض غير القادرين على توفير قوت أطفالهم ولا يتلقون مساعدات من وكالة أونروا يلجؤون إلى الجمعيات والمؤسسات الخيرية لتوفير وجبات الطعام لأسرهم.

وأشار إلى أنّ اللاجئين الذين لا يتلقّون مساعدات من وكالة الغوث أو من المؤسسات العاملة في المخيمات يعانون أوضاعًا مأساوية ولا يقدرون على تلبية احتياجات أسرهم.

اقرأ أيضًا: هويدي: حاجة اللاجئين في مخيمات لبنان تفوق قدرة الفصائل الفلسطينية

ولا يختلف الحال عن عمار عزام، الذي يقيم في مخيم الرشيدية للاجئين عن سابقه، الذي أكد أنّ اللاجئين يعيشون عامًا صعبًا بسبب انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم قدرتهم على تلبية احتياجات أسرهم.

لكنّ عزام أكد لصحيفة "فلسطين" أنّ روح التكافل الاجتماعي ومساعدة الآخرين تتجسد في شهر رمضان رغم ظروفهم الاقتصادية لتجاوز المحن والصعوبات، مشيرًا إلى أنّ أفراد المجتمع يقفون مع بعضهم في مواجهة الصعوبات عبر إطلاق حملات إغاثية ومبادرات شبابية.

واقع مرير

وأرجع عضو قيادة اتحاد لجان حق العودة في لبنان، أحمد سخنيني، تراجع القوة الشرائية في المخيمات الفلسطينية إلى هبوط الليرة اللبنانية وعدم قدرتها على الصمود، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وأكد سخنيني لصحيفة "فلسطين"، أنّ المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان تعيش واقعًا مريرًا من جراء القوانين اللبنانية التي تحرم اللاجئين من حقوقهم الإنسانية والمعيشية كالحق في العمل والتملك، وتهالك البنى التحتية، وعدم القدرة على إعمار المنازل الآيلة للسقوط.

كما أشار إلى تأثير جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020م، على الوضع الاقتصادي في لبنان الذي طال اللاجئين.

ودعا السخنيني الجهات المعنية لتوفير احتياجات اللاجئين وعدم تركهم وحيدين فريسة الفقر، وشدّد على ضرورة اعتبار المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان مناطق منكوبة.