فلسطين أون لاين

تقرير "بياتٌ بلا عشاء".. يُرهق نفسية فتيات عائلة ربُّها عاطلٌ عن العمل

...
"بياتٌ بلا عشاء".. يُرهق نفسية فتيات عائلة ربُّها عاطلٌ عن العمل
دير البلح/ فاطمة الزهراء العويني:

جلست الشابة "ف" تلملم نفسها ويتبين الحرج من ملامحها وهي تحدث "فلسطين" عن الوضع المعيشي القاسي الذي تعانيه هي وشقيقاتها في ظل تعطُّل والدهم المسنّ عن العمل، لكن ما أخفته فضحه وضع منزلهم البائس.

ففي مدخل المنزل توجد ثلاجة مهترئة استبدل الأب بابها بلوح خشبي، فيما يخلو المطبخ من غاز للطهي، ولا يوجد في رفوفه سوى العدس و"زيت القلي" الذي تتحصّل عليه العائلة من معونة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا".

وفي غرفة الأب والأم توجد خزانة متهالكة بالكاد تتماسك ألواحها ما جعلها غير متزنة وعرضة للسقوط، أما غرفة البنات الخمس فتشي ببؤس الوضع المادي إذْ تخلو من أيّ أثاث، وقد وضعن ملابسهنّ في أكياسٍ من النايلون.

هذا الوضع القاسي يؤثر على نفسية الفتيات ويُعطّل حياتهنّ كثيرًا، فالشقيقة الكبرى" ي" تعاني فشلًا كلويًّا وتحتاج إلى عملية عاجلة، بينما شقيقتها "م" تشعر بالأسى لعدم قدرتها على إكمال تعليمها فهي بحاجة إلى المال لإعادة الثانوية العامة بعد أن رسبت في إحدى المواد ولم تستطع الإكمال.

بينما تُعلّق العائلة آمالها على أن تتمكنَ الابنة الصغرى "ش" من النجاح في الثانوية العامة بمعدلٍ عالٍ يُمكّنها من الحصول على منحة وتحقيق حلمها الذي فشل في تحقيقه شقيقاها الأكبر منها اللَّذَيْن أقعدهما الوضع المادي عن إكمال تعليمهما.

وتستدرك "ف" بأسى: "لكن أنّى يتأتّى لها ذلك وهي تذهب للمدرسة دون أن تتمكن من الحصول على وجبة الإفطار أو الحصول على مصروف شخصي كزميلاتها؟! ونحن غير قادرين على إعطائها دروس تقوية".

مصاريف علاج

فكيف يمكن لطالبة ثانوية عامة أن تحصل على تغذية جيدة ووجبتا الإفطار والعشاء شبه ملغيَّتَين من حياتهما، تقول "ف": "كتير بنام بدون عشا، بنكون ميتين من الجوع، لكن فش بإيدنا إشي نعمله؟".

أما وجبة الغداء فهي على الأغلب "عدس" تتحصّل عليه العائلة من "كابونة وكالة الغوث"، فالثلاجة المهترئة في مدخل المنزل هي مجرد "ديكور" في أغلب الأيام، لا تعرف الخضار والفواكه واللحوم لها طريقًا.

ولكون المنزل مسقوفًا بـ"الزينقو" فإنّ الشتاء يُمثّل معاناة أخرى للعائلة حيث تتسرب لهم مياه الأمطار من شقوق السقف، "حتى أننا نشطف المنزل بماء المطر الذي يتسرب إليه في الأيام الماطرة، فالمنزل هنا لا يقينا حرَّ الصيف ولا برد الشتاء".

ويثقل كاهل العائلة مرض الوالدة بالفشل الكلوي ومعاناتها من عدة أمراضٍ أخرى، تجعلهم بحاجة إلى نقلها للمشفى في أحيانٍ عدة والبيات فيها عدة أيام وأحيانًا أسابيع وما يتطلبه ذلك من مصاريف لا تقوَى عليها العائلة.

وكذلك فإنّ الابنة الكبرى "ي" تعاني فشلًا كلويًّا وتغسل الكلى ثلاث مرات في الأسبوع وتُعاني تضخمًا في القلب والكبد، وبحاجة إلى عملية عاجلة، "تحتاج شقيقتي إلى مصاريف لإجراء العملية وكذلك تغذية فنسبة الهيموجلوبين في الدم ضعيفة لا تسمح لها بإجراء العملية".

أمنيات بحال أحسن

وتتمنى "ف" أن يُتاح لها فرصة عمل لتتمكن من خلالها من الإنفاق على عائلتها في ظلّ صعوبة وضع والدها الصحي حيث يعاني من إصابة عمل بليغة لوقوعه أثناء العمل في البناء، "فوالدي يعاني من آلام بالغة في الظهر، ويستعمل جهازًا طبيًّا لتسهيل حركته، لذلك لا يمكنه العمل مجددًا في مهنة البناء التي يُتقنها".

وتُسرُّ إلى "فلسطين" بأمنياتها وشقيقاتها في أن يتغير وضع العائلة ويحظَين بعيشة كريمة كغيرهنّ من أقرانهن، "فنحن نشعر بالخجل عندما يأتي إلينا زائر، ولا نجد فرشة أو سجادة يمكن أن يجلس عليها، ولا نجد ما يمكن أن نُقدّمه له من ضيافة".

وتضيف: "نتمنى أن نجد أبسط مستلزمات المعيشة من أثاث وطعام وملابس، أشعر بالأسى وأنا أرى شقيقاتي يتضوّرن جوعًا وهنّ في زهرة شبابهن، ولا يستطعن تلبية أبسط أشيائهنّ كبنات، ولكن هذا قدرنا فما بيد والدي حيلة".