الزكاة تُطَهر صاحبها من الشُّح وتُحرِّرُه من عُبوديَّة المال، وهذان مَرضان من أَخطر الأمراض النَّفسية التي يَنحطُّ معها الإنسان ويشقى، ولذلك قال تعالى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِه فأولئك هُمُ المُفلِحُون} [سورة الحشر: 9]، وقال صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عَبدُ الدِّرهَم، تَعِسَ عبد القَطيفَة…" رواه البخاري.
وفي هذه الأيام المباركة، يكثر السؤال عن زكاة المال، وإن كان أجاز الشرع إخراجها طرودا غذائية أو مواد عينية، والجواب على هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: المنع، وهو قول الجمهور من السلف والخلف، لأن الأصل في الزكاة أن تخرج من صنفها ولا يجوز تخطي ذلك الأمر إلا بنص.
ولأن الزكاة عبادة، ولا يصح أداء العبادة إلا على الوجه المأمور به شرعاً. وقد روى أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر". وهو نص يجب الوقوف عنده، ولا يجوز تجاوزه إلى أخذ القيمة، لأنه في هذه الحال سيأخذ من الحب شيئاً غير الحب، ومن الغنم شيئاً غير الشاة. وهو خلاف ما أمر به الحديث.
القول الثاني: الجواز، وبه قال الحنفية، وبعض فقهاء الحديث.
القول الثالث: المنع إلا لحاجة، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
والأظهر هو قول الجمهور، وما يفعله بعض الناس من إخراج طرود غذائية أو ذبح ذبيحة وتوزيعها على الفقراء خلاف الصواب.
وأما إن علم المزكّي أن الفقير يحتاج لشيء بعينه مثل غسالة، أو ثلاجة، أو أثاث معين، فقام بشرائه من مال الزكاة لحاجة الفقير لهذا الشيء، فإن القول هنا بالجواز له حظ من النظر ولا إنكار على من أخذ به، وإن كان الأحوط إخراج زكاة المال مالا فقط وذلك لأن الفقير أدرى بحاجته ومصلحته.
والله تعالى أعلم.
أخذت المسألة من صفحة صلاح نور.