فلسطين أون لاين

في ورشة عمل نظّمتها صحيفة "فلسطين"

متحدثون: المقاومة بالضفة تعدَّت حدود الاجتثاث والسلطة والاحتلال فشلا في النيل منها

...
جانب من ورشة العمل التي نظمتها صحيفة فلسطين (تصوير: رمضان الأغا)
غزة-جنين/ يحيى اليعقوبي:
  • "أبو مجاهد": عدم تأثير السلطة بمدينتي جنين ونابلس عزّز من وجود المقاومة
  • سباعنة: تناقض بين إعلان السلطة وقف التنسيق الأمني واستمراره على الأرض
  • صادق: هناك علاقات مباشرة بين قيادات أمنية بالسلطة مع الاحتلال
  • الرفاتي: السلطة مصدر المعلومات الأول للاحتلال حول المقاومين

أكد متحدثون في ورشة نظّمتها صحيفة فلسطين، أمس، أنّ الاحتلال الإسرائيلي والسلطة في رام الله فشلا في النيل من المقاومة بالضفة الغربية التي تعدّت حدود الاجتثاث، عادّين في الوقت ذاته التنسيق الأمني سيفًا مسلطًا على رقاب المقاومين، وأنه مبني على مصالح ذاتية لشخصيات بالسلطة.

وشدّد المتحدثون بالندوة التي حملت عنوان: "التنسيق الأمني واستهداف المقاومة بالضفة.. الأضرار والمخاطر وسبل المواجهة"، على أنّ عدم وجود تأثير للسلطة على شمال الضفة عزّز من تصاعد المقاومة بمدينتي جنين ونابلس.

وحذّروا من أنّ السلطة باتت عبر التنسيق الأمني مصدر المعلومات الأول للاحتلال حول المقاومين، وأنها تلعب دورًا خطيرًا على صعيد شراء قطع السلاح من السوق السوداء بالضفة للحد من تصاعد العمل المقاوم.

بيئة حاضنة

وقال مدير المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين محمد البريم "أبو مجاهد": إنّ "البيئة الحاضنة للمقاومة بالضفة تعدت حدود الاجتثاث والتآمر عليها، بالتالي لم يعد مسموح للاحتلال أن يدخل ويخرج من جنين بهدوء ودون ثمن".

وأضاف البريم، أنّ عدم وجود تأثير للسلطة بمدينتي جنين ونابلس عزّز من وجود المقاومة، وأصبح هناك آلاف المقاومين، وباتت المقاومة تستطيع كبح الاحتلال ووضع حدٍّ لجرائمه.

وأشار إلى وجود أصوات من داخل حركة فتح تطالب بعودة الحركة لنهجها الأول، وتعتبر التنسيق الأمني "وصمة عار"، وأشار إلى أنّ الاجتماع الأمني في شرم الشيخ جاء استكمالًا لقمة العقبة الأمنية التي تبعتها مجزرة بمدينة "حوارة" جنوبي نابلس، وبالرغم من ذلك "تصر السلطة على الوهم والسراب مرتهنة للموقف الأمريكي".

وعن حالة الوحدة الفصائلية بالضفة الغربية، لفت البريم النظر إلى أنها جسدت وحدة فلسطينية جميلة ارتبطت باسم المعتقل السياسي لدى السلطة المطارد للاحتلال مصعب اشتية، وكان اعتقاله لضرب هذه الحالة.

وأضاف: إنّ "اختلاط دماء شهداء الفصائل وخروجهم بمشهد واحد خلال جنازات التشييع، دليل على أنّ وحدة الدم أقوى وحدة على مستوى مواجهة الاحتلال".

كما أكد البريم أنّ وجود حالة تنسيق عالية بين التشكيلات العسكرية كعرين الأسود وكتيبة جنين وكتائب القسام بمخيم عقبة جبر، وقرية "جبع" قضاء جنين، ومدينة طولكرم، وأنّ المقاومة بغزة لديها القدرة على كبح جماح الاحتلال، في حين تكمل مقاومة الضفة المشهد، وأنّ الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت التي تتعلق بتطور أداء المقاومة.

الضغط على جنين

الكاتب والمحلل السياسي من جنين ثامر سباعنة، قال من ناحيته: "إنّ جيل المقاومين الحالي في جنين تأثر بقصص وبطولات المقاومين في أثناء تصديهم لاجتياح الاحتلال للمخيم عام 2002، فتشربوا المقاومة من تلك البطولات والملاحم".

وتحدث سباعنة عن الضغط المتواصل من قوات الاحتلال على جنين نتيجة وجود عدد كبير من المقاومين المطاردين والمطلوبين، في إطار سعيه إلى القضاء على المقاومة.

وأشار إلى وجود حالة تناقض بين إعلان السلطة وقف التنسيق الأمني واستمرار العمل به على أرض الواقع، إضافة إلى ملاحقة المقاومين بشكل مستمر ورفع التقارير بأسماء المقاومين للاحتلال.

وفي السياق ذاته، رأى أنّ اجتماع شرم الشيخ الأمني يهدف إلى ضرب المقاومة وتصفية المقاومين، لافتًا النظر إلى ما نشرته وسائل الإعلام العبرية عن قائمة أسماء مقاومين مطلوبين يسعى الاحتلال إلى تصفيتهم قبل أو في شهر رمضان، والتي قد تكون رسائل تهديد أو حقيقية لاستهداف المقاومة.

من جهته، يعتقد رئيس تحرير صحيفة الاستقلال خالد صادق، أنّ اجتماع شرم الشيخ جاء للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني ومقاومته التي اختارها كسبيل لتحقيق أهدافه ومنجزاته، وللإبقاء على السلطة.

ورأى صادق أنّ الاجتماع الأمني يهدف إلى تشكيل تحالف رسمي عربي بالمنطقة، وعبره يمكن حصار المقاومة والقضاء عليها ومنع امتدادها وتطور أدائها سواء في غزة أو الضفة.

ولفت النظر إلى تحريض الاحتلال ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي مستغلًّا أحداث الانقسام، وفي إطاره يتم منع الحركتين من الانضمام لمنظمة التحرير لعدم التوحد على برنامج مقاوم.

وقال صادق: إنّ" التنسيق الأمني تجاوز السلطة وأصبح هناك علاقات مباشرة بين قيادات من أجهزة أمنها مع الاحتلال".

وبحسب صادق، فتحت السلطة خطوط تواصل مع خلايا مقاومة ناشئة بالضفة، وما عرف بـ "وثيقة جنين" التي تبعها مجزرة ارتكبها الاحتلال بالمدينة، ما يُدلّل على أنها تستخدم الحوار مع المقاومين ليس لإنقاذهم، بل من أجل تعزيز شراكتها مع الاحتلال.

واستشهد بدور السلطة في ملاحقة المقاومين بحلها كتائب شهداء الأقصى عام 2007، وتجريم الفعل المقاوم وتصفية عدد من المقاومين، ولا زالت "تمارس أسلوب الخداع، وهو ما أدركته المقاومة حاليًّا ولم تنطلِ عليها الخديعة، فلم تشارك حركات: حماس والجهاد والجبهة الشعبية بمؤتمر "وثيقة جنين" الذي عُقد مؤخرًا، وخرج بقرارات "هزلية".

مصدر المعلومات الأول

فيما أشار المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، إلى أنه "لم يتبقَّ من اتفاقية أوسلو سوى الدور الأمني، والسلطة أصبحت المصدر الأول للمعلومات حول المقاومين".

وحذّر الرفاتي مما وصفه بـ"دور خطير" تقوم به السلطة عبر شراء السلاح من تجار السوق السوداء بالضفة، ما أثّر على ارتفاع سعر القطعة الواحدة إلى 60 أو70 ألف شيقل بعدما كان يبلغ سعرها نحو 16 ألف شيقل.

وبحسب الرفاتي، فإنّ الاحتلال يعتمد على التنسيق الأمني في إطار الدور التكاملي مع السلطة لإنهاء حالة المقاومة، لكنّ "الاحتلال يرى أنّ السلطة ضعيفة وغير قادرة على تنفيذ كامل المهمة، كما كانت في السابق فيقوم بعمليات اقتحام واغتيال بنفسه".

وعن جرائم الاحتلال البشعة في أثناء اغتيال المقاومين، حدّد الرفاتي ثلاث رسائل لها، الأولى لطمأنة المستوطنين الذين يرون تأثير عمليات المقاومة عليهم واستشعروا خطر تصاعدها على مشروعهم كجزء من المشروع الصهيوني بالضفة، ورسالة للفلسطينيين وللمقاومين أنّ للفعل المقاوم كلفة كبيرة، والثالثة رسالة إلى السلطة لدفعها إلى عدم التقاعس والقيام بدورها الوظيفي.

وتحدث الرفاتي عن سيناريوهات المرحلة المقبلة، معتقدًا أنّ الاحتلال يتخوف من سيناريو يتمثل بحدوث مواجهة في غزة أو على عدة جبهات، تتحرك معه المقاومة بالضفة التي باتت أفضل حالًا من وضعها عام 2021 عندما اندلعت معركة سيف القدس، وهذا سبب عقد القمم والاجتماعات الأمنية للتجهُّز لمواجهة محتملة مع الشعب الفلسطيني أو محور المقاومة بالمنطقة.

ولفت النظر إلى أنّ السلطة تكثف هجمتها على المقاومة مهما كلفها ذلك من ثمن، حتى لو تراجعت شعبيتها، وأنّ هناك قيادات بالسلطة مستعدة للتضحية بكل شيء في إطار معركة الوراثة.

وكان المدير العام لصحيفة فلسطين رامي خريس رحب بالمتحدثين في الورشة، وقال: إنّ انعقادها جاء في توقيت حساس بالتزامن مع عقد اجتماع شرم الشيخ الأمني، وللتحذير من خطورة استمرار التنسيق الأمني، مع وجود متغيرات جديدة على المشهد السياسي والميداني الفلسطيني.

وأشار خريس إلى أنّ الكثير من أبناء حركة فتح باتوا يرفضون مسيرة التسوية، وسط تعالي أصوات الكثيرين للعودة إلى نهج الحركة المقاوم.