- صرصور: الإضراب حق دستوري وفق القانون الأساسي
- محيسن: 124 دعوى قضائية بعضها قُدمت ضد معلمين متقاعدين
"الحكومة هي المسؤولة عن تعطيل المسيرة التعليمية، ونحن مستمرون في الإضراب" هذا ما يصر عليه المعلم مراد التلاحمة من محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، بعدما أصدرت المحكمة الإدارية العليا التابعة للسلطة بالضفة "قرارًا مستعجلًا" يقضي بوقف الإضراب في المدارس الحكومية، بعد دعوى تقدمت بها وزارة التربية والتعليم في خطوة تهدف لكسر إضراب المعلمين.
وجاء القرار في ذروة تصاعد إضراب المعلمين في محافظات الضفة؛ احتجاجًا على عدم التزام حكومة محمد اشتية وعودها باعتماد زيادة علاوة 15% على طبيعة العمل، وفق اتفاقها مع المعلمين العام الماضي، برعاية مؤسسات حقوقية وشخصيات أكاديمية.
ورغم محاولات أجهزة السلطة في عدد من مدن الضفة منْع المعلمين من الوصول إلى مقر مجلس الوزراء في مدينة رام الله، أول من أمس، تمكن آلاف المعلمين من التجمع والاحتشاد في الاعتصام المركزي الذي تزامن مع انعقاد اجتماع حكومة اشتية.
وردًّا على قرار المحكمة الإدارية أعلن "حراك المعلمين" استمرار الإضراب الشامل مع التوجّه لإثبات الحضور بالبصمة والمغادرة، ودعا جميع المعلمين للوقوف في وجه الغطرسة التي تمارسها الحكومة ضد المعلمين.
حق مشروع
ويدرّس تلاحمة بمدرسة في منطقة الظاهرية بالخليل تخصص العلوم، ويحرص على المشاركة في جميع الفعاليات التي يعلنها "حراك المعلمين" في المحافظة.
وقال تلاحمة: إنّ "إضراب المعلم حق مشروع وشكل من أشكال الاحتجاج السلمي.. وإنّ عودة المعلمين للمدارس مرتبطة بكيفية تعاطي الحكومة مع الأزمة".
وأضاف لصحيفة "فلسطين": المعلمون لا يطالبون بشيء جديد، بل بتنفيذ اتفاقية تمت في مايو/ أيار الماضي بشأن زيادة علاوة 15% عن طبيعة العمل وتشكيل نقابة ديمقراطية، وهو ما لم تنفذه الحكومة، لذلك اضطررنا بعد عام من إبرام الاتفاق الذي لم تلتزم الحكومة تنفيذه بالشروع في الإضراب الشامل.
ومنح المعلمون حكومة اشتية حتى مطلع عام 2023، وهي مدة يراها تلاحمة كافية لتنفيذ الاتفاق، لكنهم الآن فقدوا الثقة، متممًا بغصة قهر وصوت غاضب: "مرت سبع سنوات ولا يزال الراتب ثابتًا، في المقابل هناك غلاء معيشي كل عام، فمن كان يتقاضى ألفي شيقل الآن يحتاج لضعفها مع زيادة الغلاء".
ولفت تلاحمة إلى أنّ المعلمين ملتزمون بالإضراب الشامل بنسبة 90% بعد مرور نحو 39 يومًا عليه.
وبعد قرار المحكمة الإدارية، نشرت المعلمة نانسي عوينة مدرسة لغة إنجليزية في محافظة بيت لحم، تعليقًا ساخرًا على قرار المحكمة الإدارية بوقف إضراب المعلمين تطلب من أصدقائها مساعدتها على اتخاذ قرارها، وطرحت ثلاثة خيارات تهكُّمية، إما "بالذهاب للمدرسة، وإما تسليم نفسها، وإما الهروب لجبال الخليل وتصبح فارّة من العدالة".
وقالت عوينة لصحيفة "فلسطين": "تفاجأت بقائمة تتضمن أسماء معلمين ومعلمات قُدّمت للمحكمة الإدارية، لكنّ المعلومات ظهرت بوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ولا يوجد أيّ شيء رسمي، وإذا بُلّغنا سنتصرّف قانونيًّا".
اقرأ أيضًا: حراك المعلمين يمهل حكومة اشتية 24 ساعة لإلغاء كافة العقوبات
وتعتقد أنّ الهدف من نشر القائمة هو زعزعة إضراب المعلمين، عادّة إياها "محاولات فاشلة" لإسكات حراك المعلمين، مؤكدة في الوقت ذاته، استمرار الإضراب الذي تتحمل حكومة اشتية ووزارة التربية والتعليم المسؤولية الكاملة عن تداعياته.
124 دعوى قضائية
وأوضح الناشط في حراك المعلمين عمر محيسن أنّ إجمالي الدعاوى التي رفعتها وزارة التربية والتعليم ضد المعلمين بلغت 124 دعوى قضائية على مستوى الضفة بعضها كانت ضد معلمين غير مضربين ومعلمين متقاعدين.
وأكد محيسن لصحيفة "فلسطين" أنه لم يصل أي رد رسمي من وزارة التربية والتعليم للمعلمين برفع دعاوى قضائية ضدهم، متهمًا "وكيل وزارة التربية والتعليم" باستخدام "سياسة العصا لدفع المعلمين للرضوخ".
وشدد على أن المعلمين لن يتراجعوا عن إضرابهم -حتى لو توقفوا عن العمل وأدى ذلك لفصلهم- بل سيواصلون الإضراب حتى تحقيق مطالبهم، ومن ثم سيتوجهون للمحاكم وللهيئة المستقلة لحقوق الإنسان التي رعت الاتفاق بين المعلمين والحكومة العام الماضي.
وقال: إنّ "كرامة المعلم ونفسيته أُرهقتا وهو يعيش في دورة إضرابية تتجدد كل عام"، مؤكدًا أنّ المعلمين سيواصلون الإضراب الشامل لإنهاء قضية الإضرابات المتجددة كل عام.
وأعلن، أمس، 20 معلمًا من بيت لحم انضمامهم للإضراب، وأعلنوا أسماءهم، من بينهم مشرفون وإداريون، وهو دليل، وفق محيسن، على إصرار المعلمين على حقوقهم وعدم التراجع إلا بتلبيتها.
وحث الحكومة على التحاور مع المعلمين وإعطاء سقف زمني تلتزمه، يختلف عن وعودها العام الماضي بدلًا من البحث عن مسوغات قانونية لدفع المعلمين للتنازل، مشددًا على أنّ مطلب المعلمين تنفيذ علاوة 15% على طبيعة العمل إداريًّا وماليًّا وأن تعتمد على قسيمة الراتب، والأمر الثاني إقالة رئيس اتحاد المعلمين سائد ازريقات وتشكيل نقابة ديمقراطية.
حق دستوري
من جهته، أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق سامي صرصور أنّ الإضراب حق دستوري منصوص عليه في القانون الأساسي.
وقال صرصور لصحيفة فلسطين: إن قرار الفصل بالقضايا المتعلقة بالنقابات كان من اختصاص محكمة العدل العليا، لكن بعدما أصدر رئيس السلطة محمود عباس قرارًا بقانون رقم (41)، وأنشأ بموجبه المحكمة الإدارية على درجتين، نصّت المادة رقم "20" أنّ اختصاص الفصل بقضايا النقابات ينتقل للمحكمة الإدارية.
وأضاف: "بالتالي إذا رجعنا للأساس، فلا يوجد لدينا شيء قانوني".
ورغم أنّ القانون يجيز الطعن بقرارات المحكمة، إلا أن صرصور أكد أنه لم يسبق في أي عهد سواء بالمحكمة العليا أو الإدارية، أن تحكم ضد الحكومة بأي طعن مقدم ضدها.
وبحسب صرصور، فإن إصدار القرار بصفة "مستعجلة" تعطي المحكمة صلاحية توقيف الإضراب، ما يعني أن مخالفة القرار له تداعيات سلبية على المعلمين.
وعبر عن تضامنه مع المعلمين، لكون العلاوة حقًّا مستحقًّا للمعلمين مقابل أدائهم ودورهم في استمرار العملية التعليمية.