في عام 2005 اضطر رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون إلى الانسحاب من قطاع غزة؛ لشدة ضربات المقاومة الفلسطينية التي جعلت من أرض غزة جحيمًا لا يسمح بأيّ بقاء لجيش الاحتلال أو المستوطنين عليها، فالانسحاب أو الفرار من قطاع غزة كان خطوةً ضروريةً لا يمكن للعدوّ تأجيلها، ولذلك يمكن وصف تلك الخطوة بأحادية الجانب لأن العدوّ الإسرائيلي انسحب دون اتفاق مع شريكه في اتفاقية أوسلو -حتى لو ظفر الاحتلال بإنجاز ما سُميت اتفاقية المعابر في الدقائق الأخيرة قبل الانسحاب، إلا أن تلك الاتفاقية لم تعد قائمةً.
بعد فشل اتفاقية أوسلو وانسداد الآفاق السياسيّة في وجه السلطة الفلسطينية، اضطرت الأخيرة إلى قرع أبواب المجتمع الدولي للانضمام إلى المنظمات الدولية، فانضمّت إلى عشرات أو مئات المنظمات استفزازًا لدولة الاحتلال، وكذلك هددت بين الحين والآخر بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقد فعلتها ثم تراجعت عنها عدة مرات بعد أن حققت بعض " المكاسب" الآنية والتي خسرتها لاحقًا، وهذه أيضًا يمكن تسميتها بخطوة أحادية الجانب لأنها -من وجهة نظر السلطة- قد تحقق بعض أهدافها السياسيّة ومنها محاولة إجبار الاحتلال على العودة إلى طاولة المفاوضات.
بينما عملية السور الواقي الذي نفذته دولة الاحتلال عام 2000، وحصار الرئيس ياسر عرفات تمهيدًا لاغتياله، وكذلك اقتحامات المسجد الأقصى والمجازر التي ارتكبتها قديمًا وما زالت مستمرة، لا يمكن بحالٍ تسميتها خطوات أحادية الجانب كما تصفها بعض قيادات منظمة التحرير واللجنة التنفيذية، ولا يمكن بعد المجازر أن يخرج من يطالب المجتمع الدولي أو أمريكا بالضغط على (إسرائيل) لوقف خطواتها الأحادية. إن عمليات القتل والاغتيالات وتدنيس المقدسات وهدم البيوت جرائم ضد الإنسانية لا يجوز بحال أن نسميها خطوات أحادية الجانب، وكذلك فإن تلك الجرائم تعني أنه لا بُدّ من مواجهة الاحتلال والتصدي له، ولا يجوز أن نقول عن تلك الجرائم بأنها تشكّل خطرًا على اتفاقية أوسلو وحلّ الدولتين، أو أنها تعني التنصل من التزامات العقبة أو غيرها من اتفاقيات السراب العبثية، ولذلك لا بُدّ من تسمية الأشياء بمسمياتها وعدم تهوين الجرائم، ولْتذهب الاتفاقيات إلى الجحيم ما لم تُحقّق مصالح شعبنا وتُحافظ على حقوقه وثوابته وعلى دماء أبنائه.