أعلنت الصين نجاح جهودها في التوقيع على اتفاق بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بموجبه يتم استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح سفارتيهما وبعثاتها الدبلوماسية في غضون شهرين، وتعزيز التعاون في عدة مجالات أهمها المجال الاقتصادي.
هناك فاعلان مهمان في السياسة الدولية من غير الدول الكبرى كالولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي؛ مثل إيران والسعودية واللتين تُعدان من الفواعل الرئيسة في منطقة الشرق الأوسط، ويدور بينهما صراع خفي وآخر علني في بعض الساحات الإقليمية منذ سنوات، وعليه تكمن أهمية هذا الاتفاق لكونه يؤسس مرحلة من الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
السؤال المطروح: مَن الكاسب الأكبر مِن الاتفاق السعودي الإيراني؟ وما هي انعكاساته على المنطقة؟
الكاسب الأكبر هو العالم العربي والإسلامي، والمشروع النهضوي العربي؛ لأن التقارب الإيراني السعودي من شأنه تحقيق ما يلي:
1. تستطيع إيران والمملكة العربية السعودية بذل الجهد وتحقيق نتائج مهمة في وقف الصراع الدائر في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيره من الدول، وهذا سينعكس إيجابيًا على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمنطقة العربية.
2. الاتفاق سينعكس إيجابيًا على الأمن القومي لدول العالم الإسلامي.
3. الاتفاق سيخدم شعبي الدولتين، كما سيعزز من الدور الصيني على حساب الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط.
4. الاتفاق سيقوّض الصراع المذهبي في المنطقة، ما سينعكس على وحدة الأمة العربية والإسلامية.
5. ستكون فلسطين من الدول الكاسبة من التقارب، لأنه سينعكس إيجابيًا على القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني.
ثانيًا: انعكاسات الاتفاق على المنطقة.
إن الخاسر الأكبر من الاتفاق السعودي الإيراني هو كل دولة أو منظمة أو فرد يعنيه تفتيت الأمة العربية والإسلامية عبر صراع مذهبي يطحن الجميع، ويجعل من الدول العربية وشعوبها ضمن الدول والشعوب الفاشلة الضعيفة، ما يؤهل )إسرائيل( لقيادة منطقة الشرق الأوسط ومن خلفها بعض الدول الغربية من بوابة الصراع المذهبي في منطقة الشرق الأوسط.
وهنا نسجل أن نجاح الدبلوماسية الصينية قد يزعج الإدارة الأمريكية من زاويتين:
الأولى: قُدرة بكين على تحقيق هذا الاتفاق.
الثانية: انعكاس التقارب السعودي الإيراني على مكانة إيران ونفوذها في المنطقة، وأثر ذلك على أمن )إسرائيل( ومشروعها الإقليمي الذي يقوم على تشكيل تحالف إستراتيجي ضد إيران قوامه من الدول العربية.
الخلاصة: الاتفاق أقلُّ كلفة من بقاء الصراع، فالدولتان تمتلكان مقوّمات هائلة من المساحة وتعداد السكان والموقع الجيوسياسي، والمكانة الدينية، والاقتصادية، وعليه فإن بقاء الصراع مكلف لكل شعوب المنطقة، وبموجب ما سبق نستطيع أن نفسر حالة القبول والرضا الشعبي والرسمي من الجميع باستثناء الأشرار الذين يتربّصون بالمنطقة.