يعيش الكيان الإسرائيلي حالة من الإرباك و القلق تارةً بسبب تصاعد عمليات المقاومة البطولية، التي تأتيه بالرغم من كل الإجراءات الأمنية والتهديدات التي يطلقها وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وطوراً من التصعيد داخل هذا الكيان الآخذ بالتآكل والانهيار، فالاحتجاجات تتصاعد على خطط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإضعاف النظام القضائي، فضلاً عن الاعتراض على خطط الحكومة المتطرفة التي يمتد تطبيقها بقتل الفلسطينيين وزيادة رقعة الاستيطان إلى المستوطنين، الذين باتوا كالفئران يختبئون عند كل تطور في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
أما تعليق الإسرائيليين آمالهم على نتنياهو فبات رهانًا خاسرًا، و هو الذي يقوم حاليًّا بزيارة إلى روما، ووصف عملية إطلاق النار التي وقعت مساء الخميس بأنها “هجوم إرهابي في قلب تل أبيب”، وكأنه لا يعلم أنه هو وحكومته وأعضاؤها هم الإرهاب والإجرام الذي يجب اجتثاثه من جذوره، ووصف ممارسات نتنياهو و حكومته المتطرفة بالإجرام و خرق القوانين الدولية لحقوق الإنسان لم يعد حكرًا على الفلسطينيين بل صار يأتي من الإسرائيليين أنفسهم، سواء من النشطاء أم القانونيين الذين يدينون تصريحات وزير المالية الإسرائيليّ المتطرف بيتسلئيل سموتريتش، التي دعا فيها إلى إبادة الفلسطينيين، وهي تصريحات تعد تحريضًا علنيًّا ومباشرًا على ارتكاب العنف ضد الشعب الفلسطينيّ، و تمثل انتهاكًا للقانون الدولي وفي نفس الوقت تحفز الآخرين على ارتكاب جرائم الحرب حسب الخبراء الإسرائيليين.
إسرائيل اليوم لا تريد فقط قتل الفلسطينيين و تهجيرهم، بل تود لو تحرق كل المدن الفلسطينية وتحولها إلى رماد و تبني مستوطنات على أنقاضها، وجريمة حوارة مثال على ما نقول، لكن حلم (إسرائيل) الشيطان الأكبر بجنة فلسطين المقدسة هو كابوس سيقض مضجعها كما يحصل يوميًّا من عمليات، وما حصل بالأمس من إطلاق نار في شارع “ديزنغوف” وسط تل أبيب، وتبني حركة حماس لذلك، وما سببته من خوف وهلع المستوطنين الإسرائيليين لحظة تنفيذ عملية إطلاق النار في تل أبيب يؤكد أن جرائم إسرائيل تجاه الفلسطينيين ستلقى ردًّا سريعًا، وما حصل في تل أبيب هو رد على اغتيال 3 شباب في جبع قضاء جنين صباح الخميس.
نتنياهو الغارق في فساده وإرباكه ذهب إلى روما مستنجدًا في الوقت الذي يشهد فيه الكيان كل هذه الأزمات السياسية، ووسائل الإعلام الإسرائيلية كشفت أنه لم يتطوّع أي طيار إسرائيلي لنقل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وزوجته في زيارتهما إلى العاصمة الإيطالية، كما أغلق المتظاهرون الإسرائيليون مداخل مطار بن غوريون لإعاقة سفر نتنياهو، في مظاهرات أطلقوا عليها “يوم مقاومة الدكتاتورية” احتجاجاً على مضي الحكومة في تمرير قوانين تقليص القضاء.
والسؤال، أين القمّة الأمنيّة الخُماسيّة التي انعقدت في مدينة العقبة الأردنيّة الأسبوع الماضي، وهدفت إلى فرض التهدئة، وخاصة على أعتاب شهر رمضان المبارك؟ لكن الحقيقة تقول إن أمريكا التي سعت إلى إنجاح هذه القمة تهدف أولاً وأخيراً إلى الحفاظ على أمن “إسرائيل” وعدم زيادة طين وضع حكومتها المهترئ بلّة.
ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير اعتبر أن ما جرى التوصّل إليه من اتفاقيات في قمّة العقبة ستبقى فيها ولن تغادرها، وهذا يثبت أن القمة باطلة، وما بني على باطل سيبقى باطلاً، أما الحق فهو أن الصحوة العربية والدولية وحتى من داخل الكيان الإسرائيلي ستحصل و لو بعد زمن طويل، و تنهي الحالة الإسرائيلية التي لم ولن تهنأ في وجود المقاومين، والآتي أعظم.