تستمر سلطة رام الله في جنوحها عن جادة الصواب، والسير في مركب التنسيق الأمني الذي برز كونه جاهلية أمنية، وخيانة لدماء الشهداء وتآمرًا على مشروع مقاومة الاحتلال بهرولتها إلى قمة العقبة الأمنية التي تناولت خططًا أمنية صهيوأمريكية للقضاء على المقاومة المسلحة في مدن الضفة الغربية بعد سلسلة من اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن إلى عواصم الإقليم وتوجيهات وليام بيرنز مدير المخابرات المركزية الأمريكية cia، وضغوط على السلطة للمزيد من الإجراءات للضغط على المقاومة وملاحقتها، حيث ما تزال قضية المقاوم مصعب اشتيه مثالًا عملياً على سياسة السلطة في محاربة المقاومة وملاحقتها بعيدًا عن القانون والعرف الوطني متنكرين للإرادة الشعبية والفصائلية التي تتبني المقاومة فكرة ومنهجًا لاستعادة الحقوق.
وأمام حالة الرفض الوطني والشعبي للقاء استمرت السلطة في السباحة بمستنقع التنسيق الأمني، وصولًا إلى خطة الجنرال الأمريكي مايكل فينزل المنسق الأمريكي بين الاحتلال والسلطة خلفًا للجنرال الأمريكي السابق دايتون، وتقوم خطة فينزل على إنشاء مجموعات عسكرية من أفراد السلطة، وإرسالهم إلى المناطق التي تتواجد بها مجموعات المقاومة بهدف محاربتها والقضاء عليها دون أن تدفع القوات الصهيونية أي تكلفة في سعي جديد لإبراز الجاهلية الأمنية التي تعيشها السلطة في المقاطعة وانسلاخها عن القيم النضالية التي تبنتها الثورة الفلسطينية، وشهدائها خليل الوزير، وصلاح خلف، وإخوانه الذين ارتقوا شهداء في طريق مواجهة المشروع الصهيوني الخبيث.
فكما فشلت خطة دايتون ستفشل خطة فينزل، لأن الشعب الفلسطيني يتبنى خيار المقاومة، وما لا شك فيه أن السلطة تتراجع في حضورها الشعبي أمام عقيدة أمنية لأجهزتها بحاجة الى إعادة صياغة حتى تتوافق مع المشروع الوطني وتضحيات الشعب، وضرورة التحلل من مبدأ ملاحقة المقاومين واعتقالهم والتضييق عليهم، فما تزال قضية اغتيال المعارض السياسي لسياسات أوسلو والتنسيق الأمني نزار بنات حاضرة، كما عشرات الملاحقين أمنيًا في أجهزة الأمن بالضفة الغربية تحتاج وقفة حقيقية، ومراجعة جادة في ظل الوضع الداخلي، وانعدام الشرعية الوطنية لهذه السلطة.
اتَّسمت ملامح المرحلة الحالية من سياسة الاحتلال بسلسلة من الخطوات لترسيخ إرهاب الدولة الممارس ضد الشعب الفلسطيني بداية من تعاظم مشاريع الاستيطان، ومصادرة الأراضي، وهدم البيوت الفلسطينية، وتبني الحكومة اليمينية الصهيونية لمشاريع قوانين تعكس الفكر العنصري الفاشي، ومن هذه القوانين قانون إعدام الأسرى الذي قدمه وزير الأمن القومي الصهيوني الإرهابي إيتمار بن غفير في جريمة مخالفة لاتفاقية جنيف السادسة والرابعة لعام 1949، وللبروتوكول الأول الملحق باتفاقية جنيف لعام 1977، والانتهاكات المتكررة للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.
وفي المقابل نجحت المقاومة الفلسطينية بعملياتها العسكرية في جنين ونابلس والضفة الغربية عامة والقدس في الحرب النفسية، وإدخال روح الهزيمة واليأس داخل الكيان الصهيوني الذي وقف عاجزًا بأجهزته الأمنية عن وقف العمليات الفردية ضد الإرهابيين الصهاينة، وفي هذا الإطار برزت عوامل ودلالات عدة على تراجع الروح المعنوية في الجبهة الداخلية الصهيونية، وحدوث صدع كبير في المجتمع الصهيوني بالتوازي مع الصراع السياسي الداخلي، وتفكك منظومة الدولة بداية بالمسيرات الرافضة للحكومة الصهيونية برئاسة الإرهابي بنيامين نتنياهو واصلاحاته القضائية التي تواجه بتمرد في صفوف أركان الدولة المتفككة، وباتت حكومة نتنياهو سيئة الصيت في مصاف الحكومات النازية والفاشية أمام العالم بفضل التصريحات التي تكشف الوجه الحقيقي لهذه العصابة التي تحكم الكيان، وما تصريحات وزير المالية الإرهابي بتسلئيل سموتريتش التي دعا فيها لمحو قرية حوارة الفلسطينية تعد حاضرة وسط تصاعد إرهاب المستوطنين ضد ما هو فلسطيني.
ختامًا فإن كل المؤامرات لن تنجح في كسر إرادة المقاومة المتصاعدة ايمانًا من الأجيال بحتمية الانتصار على الإرهاب الصهيوني.