مضت ثلاثة أعوام على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، وملف جنود الاحتلال المفقودين يراوح مكانه في صندوقه الأسود، إذ ترفض كتائب القسام الإفصاح عن أي معلومات دون دفع سلطات الاحتلال استحقاق كل معلومة، فيما يبدو أن حكومة الاحتلال ليس لديها جدية للخوض في صفقة تبادل جديدة، ليكون الرهان هنا على أمرين: الأول هو عامل الوقت للطرفين، والثاني مستوى ضغط الشارع الإسرائيلي وعائلات الجنود على حكومة الاحتلال، كما يرى خبراء تحدثت إليهم صحيفة فلسطين.
ويرى هؤلاء في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين" أن حكومة بنيامين نتنياهو تحاول تأخير الملف لتجنب تفكك الائتلاف الحكومي، وأن على المقاومة البحث عن أساليب جديدة للاتصال بعائلة الجنود واستثارتهم وتحريك الشارع الإسرائيلي ضد الحكومة.
تناسي القضية
المختص في الشأن الإسرائيلي جلال أبو رمانة، يرى أن قضايا الفساد التي تلاحق نتنياهو هي أحد أسباب طي الملف في الأدراج، ما لم يضغط الشارع الإسرائيلي وعائلات الجنود على حكومة الاحتلال ميدانيًا لتحريك الملف، منبهًا إلى أن ضغط الرأي العام كان عاملًا أساسيًا لإنجاز صفقة تبادل وفاء الأحرار عام 2011 .
واعتقد أبو رمانة أنه على المقاومة البحث عن أساليب جديدة بخلاف الإيحاءات التي قدمتها، "فلو نشرت شريطا مصورا عن حالة أحد الجنود، فسيكون الحدث الأول عالميا، وسينشط الرأي العام الإسرائيلي، خاصة فيما يتعلق بالجنديين شاؤول أرون أو هدار جولدن الذي نظمت له جنازة باعتبار أنه ميت".
واستدرك قائلًا: "قد تكون الصورة غير مكتملة بالنسبة لنا، وأكثر وضوحا لمن يتخذ القرار في حركة حماس، ويفكر بصفقة أشمل تضم الأسرى والحصار، لذا لا يتم نشر أي معلومة دون ثمن".
ضغط إسرائيلي
وأضاف: "حكومة نتنياهو تريد ترحيل الملف وفي نفس الوقت تحتاج إلى دافع وذريعة لتنفيذ الصفقة".
وبشأن ضغط عائلات الجنود على حكومة الاحتلال، لفت إلى أن عائلة الجندي إبراهام منغستو تنشط بشكل أكبر من عائلتي أرون وجولدن، وتشارك بكافة المناسبات لتسليط الضوء على قضية ابنها، فيما لم تصل عائلتا أرون وجولدن لهذا المرحلة، مع الاكتفاء بالمطالبة بتشديد الخناق على أسرى حماس بالسجون، وتشديد الحصار على غزة للضغط على الحركة.
ومن وجهة نظر أبو رمانة، فإن على المقاومة استحداث أساليب إعلامية للاتصال بذوي الأسرى الجنود للضغط عليهم نفسيًا، ما قد يعجل بفتح خط تفاوضي، متوقعا في حال تبين أن أحدهم على قيد الحياة أن تغلق عائلتا جولدن وأرون كل الطرق الرئيسة، فضلا عن تنظيم اعتصامات داخل كنيست الاحتلال، وتحريك الشارع الإسرائيلي بشكل كبير.
الملف مغلق
ويتفق الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات، مع سابقه بشأن الرهان على عامل الوقت لكنه يرى أن قيادة الاحتلال معنية بإنهاء الملف، وكذلك المقاومة لما في ذلك من منفعة للفلسطينيين.
ولفت إلى تصريح عضو المكتب السياسي لحماس محمود الزهار الذي قال فيه: "إن ملف جنود الاحتلال مغلق حتى يكون هناك جدية من قيادة الاحتلال بفتحه، والرضوخ لمطالب المقاومة".
وقال عريقات: "الاحتلال يلح لإنجاز الملف أكثر من المقاومة التي يحاول الالتفاف على مطالبها، مع الإشارة إلى حالة الضعف في الائتلاف الحكومي بشكل يجعله غير قادر على اتخاذ قرار، لذا من المبكر الحديث عن صفقة".
وإن كانت المقاومة تحت الحصار، وتمر في ضائقة لم تمر عليها من قبل، إلا أن أوراقها في هذا المجال أقوى مما في يد الاحتلال، إذ إن جنود الاحتلال المفقودين موجودون بغزة سواء كانوا أحياء أو أموات، كما يرى الخبير العسكري.
وحول التحركات الدولية تجاه ملف جنود الاحتلال المفقودين بغزة، قال: "إن المؤسسات الدولية تنافق الاحتلال باعتباره الأقوى، وتضغط للحصول على معلومات تحت بند العامل الإنساني، لكنها لا ترى الإنسانية عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين"، عادًا التحركات الأخيرة لمسؤول الصليب الأحمر الدولي جزءًا من تلك الضغوطات .
وكان مصدر مسؤول في حركة حماس، أكد مؤخرًا، أن رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار رفض طلب رئيس الصليب الأحمر بيتر ميؤرر لتفقد الجنود الأسرى لدى كتائب القسام في القطاع .