تتصاعد الهجمات العدوانية الإسرائيلية على سوريا بزعم استهداف مواقع وأهداف إيرانية منتشرة فيها، استكمالًا لإستراتيجية "المعركة بين الحروب" التي شرع فيها الاحتلال منذ 2013، وما زال الهدف المعلن هو تخفيض التواجد الإيراني في سوريا إلى حدّه الأدنى، واستهداف قوافل وشحنات الأسلحة المتجهة الى حزب الله.
لكن جديد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة ضد المواقع الإيرانية في سوريا أنها ترسل إشارتين رئيستين لكل الأطراف، الإقليمية والدولية، أولهما أنه لم يتغير شيء بالنسبة للاحتلال في سوريا، رغم الزلزال القوي الذي ضرب شمالها، بل إنه كثف هجماته فيها.
ثاني هذه الرسائل أن العدوان الإسرائيلي الأخير قد يكون ردًّا على الهجوم الإيراني على سفينة مملوكة للاحتلال في الخليج العربي قبل أكثر من أسبوعين، باستخدام طائرات بدون طيار انتحارية، وهي نفسها التي نقلتها إيران لروسيا لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا، ومن الواضح أن هذا الهجوم الإيراني على ناقلة النفط استمرار لمحاولاتها خلق معادلة ردع ضد الاحتلال، مفادها أنه كل عدوان ينفذه ضدها، ستقوم بالرد.
تتزامن كل هذه الضربات المتبادلة مع الاحتلال وإيران مع توتر تشهده الأخيرة في علاقاتها مع المنظومة الغربية عمومًا، والولايات المتحدة خصوصًا، التي اتخذت في بداية عهد بايدن نهجًا تصالحيًا ومنضبطًا تجاه طهران، التي كانت ولا تزال مهتمة بإعادة واشنطن لطاولة المفاوضات بشأن الاتفاقية النووية، في نفس الوقت الذي تهاجم فيه أهدافا أمريكية في سوريا، وتساعد روسيا في حربها ضد أوكرانيا، الأمر الذي أسفر عنه في النهاية إعلان بايدن بأن "الاتفاق ميت"، وأن فرص التوصل إليه ضئيلة.
في الوقت ذاته، تصدر دعوات إسرائيلية للاستفادة من التوترات القائمة بين إيران والغرب، خاصة مع الولايات المتحدة، من أجل زيادة الضغط الاقتصادي والعسكري عليها في سوريا بشكل رئيسي، وفي الساحات الأخرى، بحيث يمكن للاحتلال أن يعرض أمام الولايات المتحدة المزيد من الإيماءات والمساعدات الهامة إلى أوكرانيا مقابل إجراءات أمريكية أكثر صرامة ضد إيران في سوريا، بما في ذلك الإجراءات العملياتية المشتركة في البعد الميداني.
في الوقت نفسه، يسعى الاحتلال للتأكد أن المساعدات الأكثر أهمية التي سيقدمها لأوكرانيا لن تؤدي لنشوب صراع أمامي مع روسيا، التي تسيطر بحكم الأمر الواقع على سوريا، وفي ذات اللحظة اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد برنامج إيران النووي العسكري.
هذا يعني أننا قد نكون في قادم الأيام أمام حملة دبلوماسية إسرائيلية عامة، ومناقشات مغلقة مع كبار المسؤولين الغربيين، لممارسة ضغوط شديدة على الدول الأوروبية والولايات المتحدة، من أجل فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية كبيرة على إيران، والعمل على إقناع الغرب بتعزيز موقف الخيار العسكري ضد إيران، الذي ما زال مطروحًا على الطاولة.