حوارة جنوب نابلس تحترق. زعران المستوطنين يهاجمون بلدة حوارة وبلدات جنوب نابلس، ويحرقون سيارات المواطنين، وبيوتهم، وكراجاتهم، ويصيبون بجراح ما يزيد على مائة نابلسي. وقع كل ذلك تحت عين جيش الاحتلال وحمايته. جريمة حرق ممتلكات المدنيين لا يحتملها عاقل، حتى أن (لبيد ) رئيس حكومة الاحتلال انتقد أخذ المستوطنين القانون بأيديهم، وقال هذه حكومة فوضى، وقال ما حدث يمثل خطرا على دولة (إسرائيل).
بعض قادة الصهيونية الدينية طالب بمحو حوارة عن الخارطة، وطالب الجيش باستخدام الدبابات والطائرات ضد نابلس؟! نيتنياهو علق على جرائم المستوطنيين بعد انتهائهم من جرائمهم، بأنه يجب احترام القانون، وإفساح المجال للجيش لعمل ما يلزم.
بعض القادة العرب انتقدوا إحراق المستوطنين لحوارة، وبعضهم لاذ بالصمت، أميركا انتقدت عمليات الإحراق بشكل خجول، وطالبت السلطة بضبط الميدان، ووصفت المقاومين الفلسطينيين بالإرهاب، ولم تصف المستوطنين بذلك؟!، مع أن جرائمهم في حوارة تقع في صلب الإرهاب ومركزة؟!
أميركا التي أشرفت على لقاء العقبة الأمني لم تبد احتراما للدم الفلسطيني، ولا للممتلكات الفلسطينيين، ولم تقرع حكومة الاحتلال التي أطلقت يد المستوطنين للتنكيل بحوارة والبلدات المجاورة لها؟!
سكان نابلس وحوارة لا يعولون كثيرا على البيت الأبيض، ولا على جلّ قادة النظام العربي، ولا يعولون أيضا على السلطة الفلسطينية التي خذلتهم، ولم توفر لهم أدنى حماية، بل هي توفر كل الحماية للمستوطن الذي يدخل مدن الضفة تائها؟!
ما حدث من جرائم متعددة في حوارة وحولها يفضي لحقيقة واحدة تقول إن الضفة الغربية لا تستوعب الفلسطينيين والمستوطنيين معا البتة، وإن الصراع سيشتد لاحقا، وإنه لا سلام ولا تعايش مع الاستيطان، و على سكان الضفة أن يعتمدوا على أنفسهم في الدفاع عن أبنائهم وممتلكاتهم، وأن ما حدث في حوارة سيحدث في غيرها.
إن انتفاضة ثالثة بدأت فعلا من رحم اليأس الفلسطيني، الذي لم يعد قادرا على تحمل الاستيطان، ولا فشل سلطة عباس، وخيانة التنسيق الأمني، ولم يعد يثق لا في العقبة ولا في غيرها من اللقاءات التي تنظمها أميركا لحماية (إسرائيل) وتجنيد السلطة والعرب لقمع المقاومة.
حرائق حوارة فاقت الخيال من حيث السرعة والتنكيل والاتساع، وهو ما يوجب توفير حماية للشعب، وآليات ردع للمستوطنين، وتجريمهم إرهابيين حقيقيين لأن هدفهم الوحيد هو القتل والحرق وتدمير الممتلكات، وسلب الأرض، وإتلاف المزارع. حرائق حوارة بداية مرحلة جديدة، والقادم للأسف أشد وأنكى، وعلى الفلسطينيين قراءة مستقبلهم في ظل هذه الأجواء القاتمة، وشق طريق يحميهم ويدفع عنهم بلاء المستوطنين والاحتلال معا.