فلسطين أون لاين

تقرير "مصنع شمس".. خلايا نحل تشغله معيلات تبحثن عن الأمل

...
مصنع شمس (3).jpeg
رفح – غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

تستحث السيدة رغدة أبو سلمية الخُطى صباح كل يوم من حي "تل السلطان" حيث تسكن في مدينة رفح نحو الحي الكويتي باتجاه مصنع "شمس للخياطة"، والذي وجدت فيه بارقة أمل لأسرتها بعد أن تقطعت بها سبل الرزق.

تعمل أبو سلمية في مجال الخياطة منذ عدة سنوات ولم تحصل سوى على فرص عمل متقطعة في مراكز تمول مشاريع للحياكة بين حين وآخر، لم تلبِّ سوى اليسير من حاجته؛ فزوجها عاطل عن العمل.

تعيل أبو سلمية 6 أفراد، وكان اليأس قد بدا يتسلل إلى قلبها في أثناء بحثها عن فرصة عمل جديدة إلى أن علمت بوجود مصنع جديد سيخرج للنور، يقوم على تشغيل نساءٍ في نفس وضعها الاقتصادي ليكون مورد دخل لهن.

سارعت أبو سلمية لتسجيل اسمها وقُبلت للعمل في المصنع بعد اجتياز الاختبارات اللازمة، وها هي اليوم تعلّق آمالها على نجاح المشروع لتسديد احتياجاتها هي والعاملات فيه.

تقول: "نقضي هنا قرابة خمس ساعات يوميًّا، نحيك العديد من الموديلات التي سننزل بها للسوق قريبًا".

ولا يختلف الحال كثيرًا لدى السيدة مها أبو شاويش "42 عامًا" الأم لخمسة من الأبناء منهما شابان مصابان بالإعاقة، وثلاثة بنات يدرسن في المدارس والجامعات، فيما زوجها متعطل عن العمل.

ومنذ قرابة خمسة عشر عامًا وأبو شاويش تعمل في مجال الخياطة لإعالة أسرتها، ولكن دون وجود فرصة عمل دائمة، فحينًا تجد ما تسد به رمق أسرتها وأحيانًا أخرى يكون الوضع غاية في الصعوبة.

واليوم بعد أن قُبلت أبو شاويش للعمل في مصنع شمس فإنها تعمل بجد لإنجاح هذا المشروع الرائد الذي تجد فيه "بصيص أمل" لأنْ يصبح مورد رزق دائمًا لها وللعاملات فيه.

مشروع تنموي

ففي المصنع تعمل أبو شاويش وزميلاتها كخلية نحل ينفذن بعض التصاميم التي تضع خطوطها العامة إحدى زميلاتهن، على طريق التحضير لعرض تلك المنتجات بالأسواق، مبديةً أملها في أن تلقى منتجاتهن من الملبوسات إقبالًا كبيرًا؛ فهي صُنعت بأيدٍ ماهرة لتسد حاجة أسرٍ معوزة.

وتبين مديرة المصنع لمياء أبو حرب أن الفكرة راودتها من واقع عملها مع النساء من خلال جمعيتها "حواء المستقبل" وإدراكها حاجة عدد كبير من النساء المعيلات أسرهن إلى فرص عمل بعيدًا عن المساعدات المتقطعة التي يحصلن عليها من هنا وهناك.

وتضيف: "وجدتُ أن إنشاء مشغل للخياطة يمكن من خلاله استثمار طاقات أيادٍ عاملة من النساء اللاتي لهن باع طويل في هذا المجال لكن لم يتسنَّ لهن الحصول على فرصة عمل دائمة".

وبعد تواصل مع جمعية "شمس" للمرأة والطفل – تركيا" وافقت على تمويل المشروع وزودته بسبع ماكينات للخياطة، ثم أعلنت فرص عمل للسيدات معيلات الأسر، وحاليًا استلمت أربعة منهن مهام العمل، فيما ستنضم ثلاث أخريات للمشروع بمجرد وقوفه على قدميه.

وبدأ العمل على المشروع منذ شهر ديسمبر من العام الماضي لكنه خرج إلى النور في شهر فبراير الحالي.

منافذ تسويقية

ويعكف "شمس" حاليًا على تفصيل وحياكة عدد من الموديلات التي سيتم تسويقها عبر متجر المصنع على منصة "انستغرام" وصفحات خاصة بالعاملات على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بجانب عرض عينات منها في بعض المحال التجارية في رفح".

ولن يقتصر العائد المادي للعاملات في المشروع على الحياكة فقط بل سينظمن دورات مدفوعة الأجر لتدريب الفتيات والسيدات على الحياكة، مشيرة إلى أن العاملات حالياً يفصّلن ويصممن العباءات وفساتين الزفاف وملابس الأطفال.

وتعبّر أبو حرب عن ثقتها بأن المنتجات الخاصة بالنساء في المصنع ستلاقي رواجًا في الأسواق؛ فهي تُنفذ بحرفية عالية وبجودة كبيرة من عاملات ماهرات.

ووفقًا لمعطيات نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، عشية يوم المرأة العالمي لعام 2022 فإن نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة لعام 2021 ارتفعت مقارنة مع عام 2020، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 17% من مجمل النساء في سن العمل في عام 2021 بعد أن كانت النسبة 16% في عام 2020.

ووفق الإحصاء ترأس النساء حوالي 11% من الأسر في فلسطين، بواقع 12% في الضفة الغربية و9% في قطاع غزة لعام 2020.