الشعب الفلسطيني يعشق المقاومة، ولذلك نجد كل الفئات الفلسطينية تقاوم، حتى أولئك الذين لا يؤمنون بالمقاومة الحقيقية اخترعوا ما تسمى المقاومة السلمية، حتى أطلقوا على الرقص المعاصر والفن الهابط "مقاومة" ليبرهنوا من خلالها للمجتمع الدولي أنهم يحبون الحياة ويتمسكون بها ويستحقون من أجلها دويلة على بقايا وطن مغتصب، وكذلك هناك من واجه المحتل بالورود التي يشبه لونها لون الدماء الفلسطينية الزكية التي سفكها ذلك المحتل، والكل يدرك أن تلك طريق الخطيئة والتخلي عن الوطن بطريقة مستفزة ومكشوفة، فالمحتل لا يعرف إلا لغة واحدة هي لغة القوة، والمغتصبون اليهود لا يخشون إلا هدير صواريخ المقاومة ومعزوفة صفارات الإنذار التي يبيتون على أثرها في الملاجئ.
المقاومة الدبلوماسية التي رفعت شعارها السلطة الفلسطينية، وكل ما دق الكوز بالجرة وعربدت (إسرائيل) وارتكبت جرائم هددت السلطة بالتوجه إلى المحاكم الدولية والجمعية العمومية للأمم المتحدة وكذلك إلى مجلس الأمن، وكذلك هددت بالانضمام إلى عشرات أو ربما مئات المنظمات الدولية والمحصلة على أرض الواقع هي صفر يساوي رسمه حجم الوطن.
قبل 7 سنوات اتخذ مجلس الأمن الدولي قرارا ضد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة والقدس، وأعلن المجلس أنه لا ولن يعترف بأي بناء استيطاني في المناطق المحتلة عام 67 وحذر أي دولة تقدم مساعدات لخدمة الاستيطان في المناطق المذكورة وتضمن القرار بنودا كثيرة وصلت إلى 13 بندًا تم إقرارها من جميع الأعضاء مع امتناع الولايات المتحدة الامريكية عن التصويت مع القرار ولكنها لم ترفض القرار باستخدام الفيتو، ولكن ما الذي حدث بعد ذلك القرار؟ أقامت دولة الاحتلال آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات ورفدتها بأكثر من مئة ألف مستوطن، وكذلك أقامت مستوطنات وبؤرا استيطانية متعددة ولم يحرك مجلس الأمن ساكنا، بل لم يعلق رسميا على تلك الجرائم، ثم جاء الرئيس الأمريكي ترامب ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس ضاربا بالقرارالتاريخي عرض الحائط -من وجهة نظر أنصار أوسلو- الذي اتخذه مجلس الأمن لمصلحة السلطة الفلسطينية.
ما أود قوله باختصار إن اللجوء إلى مجلس الأمن واتخاذ قرارات "تاريخية" لا طائل منه ومضيعة للوقت وتمييع للقضية الفلسطينية وتخدير للشعب الفلسطيني، ومع ذلك فشلت السلطة الفلسطينية في اتخاذ قرار مماثل للقرار الذي ذكرته وجلبت لنفسها المزيد من الإحراج أمام شعبها وأثبتت أن طريق الدبلوماسية مغلق تماما أمامها، فالبيان الرئاسي الهزيل وغير الملزم الذي أصدره مجلس الأمن بخصوص الاستيطان الإسرائيلي بمنزلة إلغاء للقرار السابق، ولذلك لا داعي لتكرار التهديدات والمواقف المحرجة. ولكن في النهاية نقول إن مثل تلك المواقف تعزز نهج المقاومة والتفاف الشعب الفلسطيني حوله، ونؤكد أن نجاح أمريكا ودولة الاحتلال (إسرائيل) في إجبار السلطة على التراجع لا يعني الانتصار على الشعب الفلسطيني أو منع حدوث الانفجار الوشيك الذي تخشاه أمريكا و(إسرائيل) وكل المتأمرين على شعبنا وقضيتنا.