نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية خبرًا عن كبار المسؤولين الإسرائيليين؛ أنهم نقلوا رسالة إلى الإدارة الأميركية تفيد بأن (إسرائيل) لم تشرّع أيّ بؤر استيطانية جديدة إلا في حالة وقعت هجمات فلسطينية مماثلة، كتلك التي أدت لقتل العديد من الإسرائيليين في الآونة الأخيرة.
وكان المجلس الوزاري الإسرائيلية المصغر ينوي تشريع 14 بؤرة استيطانية جديدة، ولكن بعد النقاش الذي جرى مع الإدارة الأمريكية، تم تقلص البؤر الاستيطانية إلى 9 فقط، بزعم توافق عدد البؤر الاستيطانية مع عدد الإسرائيليين القتلى على أرض الضفة الغربية.
فأي أكذوبة هذه؟ 9 بؤر استيطانية على أرض الضفة الغربية مقابل 9 قتلى إسرائيليين على أرض الضفة الغربية، هذه رسالة ظاهرها سياسي، ولكن باطنها عقائدي، فوزير الأمن القومي بن غفير أراد إخافة الفلسطينيين وإهانتهم، من خلال تحميل المقاومة الفلسطينية مسؤولية التوسع الاستيطاني، وهذه رسالة بن غفير الخبيثة إلى الحكومات الأوروبية والعربية المعترضة على تشريع البؤر الاستيطانية.
9 بؤر استيطانية جديدة مقابل 9 قتلى إسرائيليين، تشريع إسرائيلي جديد، يؤكد أن الدم الإسرائيلي تجارة استيطانية، وأن مقتل أي إسرائيلي سيكلف الفلسطيني المزيد من خسارة الأرض، والتوسع الاستيطاني، وهذه المعادلة الرخيصة طرحها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق رفائيل إيتان خلال انتفاضة الحجارة 1987، ومع ذلك، لم تتوقف انتفاضة الحجارة، وواصلت طريقها، وشلّت حركة التوسع الاستيطاني، إلى تم التوقيع على اتفاقية أوسلو 1993، وقتها شعر المستوطنون بالأمن والأمان، ومع وصول السلطة الفلسطينية 1994، أخذ الاستيطان الصهيوني مجده، وراح يتنامى على أرض الضفة الغربية وغزة كالعشب البري، وتمدد في كل اتجاه، واتسع حتى أحكم قبضته على مفاصل الحياة والطرق في الضفة الغربية.
رقم 9 الذي اعتمدته الحكومة الإسرائيلية بؤرًا استيطانية يجب أن ينكسر، ولا يكسر هذا الرقم إلا شباب فلسطين، وذلك من خلال مضاعفة رقم القتلى الصهاينة عدة مرات، ليصل الرقم إلى 90 قتيلًا إسرائيليًّا في الشهر، وهذا أمر غير مستبعد، وقتها لن يستطيع بن غفير تشريع 90 بؤرة استيطانية مقابل 90 قتيلًا إسرائيليًّا، وإذا تواصل العمل المقاوم على أرض فلسطين، وزاد عدد القتلى الصهاينة، فمن أين لابن غفير أرض في الضفة الغربية ليقيم عليها بؤر استيطانية؟ بل من أين سيحصل المستوطنون الصهاينة على الأمن الذي يمكنهم من الإقامة في البؤر الاستيطانية.
الفلسطيني يمتلك السلاح القادر على تدمير البؤر الاستيطانية التسعة، بل وتدمير كامل فكرة الاستيطان، والشباب الفلسطيني أثبت أنه لا يخاف التهديدات، ولا يرتدع من تصريحات بن غفير نتنياهو المتطرفة، والشباب الفلسطيني أثبت أنه قادر على ابتداع وسائل المقاومة بطرق مختلفة، وهو صاحب الكلمة العليا في هذا الشأن، وكل ذلك مشروط بموقف قيادة السلطة، وبموقف التنظيمات الفلسطينية والمؤسسات والفعاليات الشعبية، والشخصيات الفلسطينية، ومدى الإيمان بأن المقاومة هي أقصر الطرق لمواجهة العدوان الإسرائيلي، وهي الطريق الأوحد لكسر معادلة 9 بؤر استيطانية، مقابل 9 قتلى صهاينة، لتصير المعادلة الجديدة مع المقاومة، تفكيك 9 مستوطنات قائمة على أرض الضفة الغربية شهريًّا، مقابل الحفاظ على حياة 90 مستوطنًا، صارت حياتهم مهددة بالهلاك بفعل البطولات الفلسطينية.