يطرح الإسرائيليون في الآونة الأخيرة تساؤلات بشأن تحالف الروس مع الإيرانيين، فهل سيكون لمرة واحدة، أم اتجاه جديد مقلق، في ضوء أن جهود تقاربهما تتمثل على عدة مستويات، ففي المجال الإستراتيجي حصل اجتماع القمة في طهران، بعد أيام قليلة فقط من زيارة بايدن إلى (تل أبيب)، إذ توفرت فرصة لبوتين لإثبات أنه بالرغم من جهود الغرب لتحويل روسيا إلى منبوذ على المستوى الشخصي، فقد نجح بتعزيز التعاون مع الدول الرئيسة، بما فيها تركيا، العضو في الناتو.
كما تظهر دولة الاحتلال أنها متضررة من التحالف الروسي الإيراني على دفعتين: أولاهما عبر "لدغ" موسكو لها دون قطع العلاقات معها، وثانيهما باستفادة الروس من التحالف مع الإيرانيين، بما في ذلك تزويد نفسها بالسلاح، ولدى روسيا عدة مئات من الطائرات بدون طيار القادرة على الهجوم.
يستدعي المسار الإسرائيلي من هذا التحالف رصد زيارة وفود روسية لإيران في الشهور الماضية لاختبار المسيّرات، والزعم بأن إيران تدرّب فرقًا روسية على تشغيلها، ما سيخلق واقعًا شديد التعقيد لدى (تل أبيب)، سيخلق لها تحديات على المستويين الإستراتيجي والأمني، لأن توطيد التحالف سيؤدي إلى توسيع نطاق علاقاتهما، بما فيها الأمنية والعسكرية، وإبرام صفقات عسكرية جديدة، والتعاون في مجال الاستخبارات والإنترنت، ودعم إيران في المفاوضات النووية، المتوقفة حاليًا، وربما يكون هذا واقعًا فسيكون من الصعب تغييره في السنوات القادمة.
في الحديث عن سياسة (تل أبيب) القادمة تجاه حلف موسكو وطهران، فإن الأمر قد يصل إلى "حدّ حرمان أعين قادتها من النوم"، بالرغم من أن طموحاتهما سيساعدهما بالتغلب على أضرار العقوبات ضدهما، وقد ترغبان بإضافة المزيد من اللاعبين لهما، لأنهما تبحثان عن مؤازرة لهما، سواء من حيث الرؤية الرمزية، أو المستوى العملي، وتجاوز العقوبات الاقتصادية، وتعاونهما الكبير في مجالات النفط والغاز، وبالتأكيد في المجال العسكري، ما سيكون مصدر أرق للقادة الإسرائيليين، لأن ما يصفونه بـ"تحالف المنبوذين" يعدّ أمرًا خطيرًا.
يكتسب الحديث عن رؤية استشرافية إسرائيلية لمآلات التحالف الروسي الإيراني عشية تشكيل الحكومة اليمينية أهمية كبيرة، لأكثر من اعتبار أولها: أن نتنياهو يرتبط بعلاقات وثيقة جدًا مع بوتين، وفي سنوات سابقة عدَّ الرئيس الأكثر في العالم زيارة لموسكو، وثانيها: الحديث المتزايد عن توتر بدأ يطل برأسه بين نتنياهو وبايدن بسبب مواقف وزرائه من القضية الفلسطينية، وثالثها: أن الاحتلال قد يغيّر موقفه من تزويد أوكرانيا بالأسلحة النوعية استجابة للمطالب الغربية، ما قد يوتّر العلاقة مع موسكو، ورابعها: أن الحكومة ذاتها تمتلك مواقف حدّية من البرنامج النووي الإيراني، وليست منسجمة مع رؤية واشنطن، ما قد يدفعها إلى تصعيد الموقف ضد طهران بما قد يخلط أوراق المنطقة بأسرها، وربما العالم كله.