فلسطين أون لاين

رمضان والعاصفة القادمة

شَكّلَ شھر رمضان المبارك، مُلْھِماً وحافزاً تعبویاً ومحرضاً عَقدیّاً، وكان ولم یزل حافلاً بالحروب والغزوات والفتوحات في التاریخ الإسلامي المجید وعملیات المقاومة المتعاظمة.

وكان أن شَھِدَ غزوة بدر، وفتح مكة، وفتح الأندلس، ومعركة بلاط الشھداء، ومعركة عین جالوت، وحرب رمضان .

كما أكدت فصائل المقاومة الحیّة والفَعّالة، أنه شھر المواجھة والبذل والتضحیة، وقد ارتفع فیه معدل العملیات التي استھدفت مواقع الاحتلال العسكریة والاستیطانیة، وتنوعت بین عملیات الطعن والدھس، وإطلاق النار وزرع العبوات الناسفة، التي أسفرت عن عدید القتلى والجرحى بین قطعان جنوده وسوائب مستوطنیه .

العدو یَحسب ألف حساب لقدوم ھذا الشھر الجلیل ومفاجآته الصادمة، وھو یقف الیوم على قدم واحدة، أمام عملیات المقاومة المتعاظمة.

أكدت صحیفة "یدیعوت أحرونوت" العبریة "أن جھاز "الشاباك" یُكثفُ جھوده للعثور على الجھات المُحرضَة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتنفیذ عملیات ضد أھداف الاحتلال في الضفة والقدس".

وأضافت الصحیفة أن "الشرطة قررت تشغیل غرفة عملیات خاصة لتحلیل ومراقبة المنشورات المُحَرضَة، كجزء من الدروس المُستفادة من معركة (سیف القدس) في أیار 2021".

وقد كشف الإعلام العبري، أن رئیس جھاز الشاباك رونین بار، غادر الكيان في زیارة سریة إلى بولندا للاتفاق على الإجراءات الأمنیة اللازمة لخروج الوفود الطلابیة إلى بولندا لزیارة معسكرات اعتقال الیھود التي بنتھا ألمانیا لحرق الیھود خلال الحرب العالمیة الثانیة، وفق الادعاءات الصھیونیة، وحتى لا تتعرض مواكبھم لأي عملیات للنشطاء من أبناء الشعب الفلسطیني.

وقال موقع "واي نت" العبري، السبت الماضي 11 شباط الجاري، إن المجلس الوزاري المُصَغّر "الكابینت"، سیناقش خلال ھذا الأسبوع، الإمكانات المُقدرة التي تَشي بتوتر الأوضاع الأمنیة في فلسطین المحتلة، مع قرُب شھر رمضان المبارك في نھایة آذار المقبل.

ونقل الموقع العبري عن مسؤول سیاسي، أن المناقشات التي ستُجرى ستتناول الاستعدادات والسیناریوھات التي یمكن أن تشھدھا المنطقة في رمضان الذي یعد عاملاً من عوامل تدھور الأوضاع في كل عام، خاصة أن عید الفصح الیھودي یلیه مباشرة.

وستتركز نقاشات الكابینیت على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد عملیات المقاومة، ویَستدرك الإعلام العبري دون أي تفسیر، أن تلك الإجراءات الصارمة یجب أن تتم بطریقة لا تُصَعدُ من حالة التوتر المتفاقمة على الأرض الآن.

أما المعلق الأمني لصحیفة "یدیعوت أحرونوت"، رون بن یشاي، فقد عَددَ 3 عوامل قد تقود إلى حدوث تطورات لا تُحمْد عقباھا، وھي التي ستكون مقدمات لما سیُجرى في شھر رمضان، وھي المواجھات المُستمرة والمتصاعدة في الضفة والقدس، وبالتالي وقوع ضحایا بما یؤدي إلى ردود انتقامیة، إلى جانب الفوضى السیاسیة التي تجتاح الكيان، وما یصاحبھا من تصریحات من بعض الوزراء مثل إیتمار بن غفیر، التي تخلق أجواء مُحتقنة، مضطرِبَةً ومتوترة، والثالث تحریض "حركة حماس"، على شبكات التواصل الاجتماعي .

ووفقاً لما تُشیر إلیه المواقع الإخباریة العبریة، فإن أجھزة أمن الاحتلال، وفي المُقدمة منھا "الشاباك " فإنھا تستعد كما تفعل الیوم، للعمل في المرحلة المقبلة على تنفیذ عملیات اعتقال إداریة واسعة، ضد من تُسمیھم "المُحَرّضین"، عبر شبكات الإعلام الجدید، فی حين سیتم تحذیر البعض منھم قبل شھر رمضان، كما سیتم تفعیل وحدة خاصة لمتابعة الأنشطة الإعلامیة للنُشطاء للتحقق من مخاطرھا وللرد علیھا.

أما صحیفة "معاریف"، العبریة، فقد نبھت أیضاً للعاصفة التي تقترب، وحذرت عالیاً من التداعیات الخطیرة لإجراءات جیش الاحتلال والمستوطنین بحق الشعب الفلسطیني تحت الاحتلال.

وتضیف الصحیفة أن تقدیرات الأجھزة الأمنیة تتوافق تماماً مع رسالة رئیس وكالة الاستخبارات المركزیة الأمریكیة الـــــ"CIA"، ولیام بیرنز، بشأن التخوف من اندلاع انتفاضة ثالثة، فالتصعید الأمني الدراماتیكي یصل لذروته في الضفة المحتلة.

ونبھت "معاریف" على أن رئیس وزراء العدو بنیامین نتنیاھو، ووزیر الجیش یوآف غالانت، یحاولان تفكیك الألغام لوقف التصعید، وأن بعض أعضاء الحكومة یحاولون جاھدین احتواء بعض حماقات    بتسلئیل سموتریتش وإیتمار بن غفیر دون الإعلان أنھما تراجعا قلیلاً عن قراراتھما. وترى صحافة العدو أن تحذیر بیرنز ھو رسالة أمیركیة حادة، فالأوضاع لم تعد تحتمل أكثر من ذلك، خاصة أن واشنطن تغرق في مُستنقع الحرب مع روسیا على الأرض الأوكرانیة، والاستفزازات تتوالى مع الصین بشأن تایوان، وبعد إسقاط المنطاد، والتوترات مع إیران لم تزل تتداعى فصولاً.

واشنطن لا ترید من (تل أبیب) أن تفتح لھا جبھة ساخنة جدیدة، خاصة أن ارتداداتھا لن تقتصر على الجغرافیا الفلسطینیة، بل ستمتد على طول الإقلیم وعرضه، وإمكانات الاحتواء ستكون بعیدة المنال، وھذا لا یخیف فقط ساسة الولایات المتحدة، وإنما أیضاً یُرعبُ قادة الكیان على جبھة المعارضة الذین یمثلون نصف التجمع الصھیوني في فلسطین المحتلة، والذین یرون في حكومة نتنیاھو الأكثر فاشیة في تاریخ الكیان، نُذُر نھایة قریبة صُنّاعھا منھم وعلى أیدي ھذه الطُغمة التي أعْمتَھا غطرسة القوة التي سترتد إلى نحر عصابات طال عُمرھا أكثر مما یجب.

وواشنطن، وكما عودتنا دوماً، تَمُد العدو بِكُلّ أسباب القوة، وتتدخل لإنقاذه من الانھیار ومن السقوط عندما تفرض المنعطفات التاریخیة ذلك، كما جرى عام 1948، وعام 1973 بتزویده بالسلاح حین نفدت مستودعاته، وخلال عدواناته حین أفرغ ذخائره المدمرة على المدنیین العزل في مخیمات وقرى ومدن الضفة وغزة وفي لبنان وسوریا، كما تتدخل وبنفس القوة لحمایته من حماقاته ومغامراته الخرقاء .

وتشیر "معاریف" إلى أن تأجیل إخلاء قریة "الخان الأحمر"، وكبح نوایا بن غفیر لھدم البیت الفلسطیني في حي سلوان المقدسي ولو إلى حین، والتوافقات التي تحققت بین إدارة السجون وقادة الأسرى، وكُلھّا "تُجَسد فھم (تل أبیب) للموقف الأمریكي الذي یدفع نحو "سیاسة براغماتیة"، لا تختلف جوھریاً عن تلك السیاسات التي أدارتھا الحكومات السابقة، ولكن نتنیاھو وھو یَئن تحت وطأة كابوس فوبیا العُزلة سجیناً خلف القضبان، وتلك الأصفاد التي تُطِبقُ على أنفاسه، وھي التي عَددَھا حلفاؤه في الائتلاف الحكومي من أمثال وزیر المالیة المتطرف سموتریتش، في حدیثه أمام رؤساء مجلس " یَشَع " للمستوطنین بأن "الحكومة ملتزمة تسریع الاستیطان، وتنمیة المستوطنات القائمة، وإقامة مستوطنات جدیدة، أو ستسقط الحكومة".

وتذكر مصادر العدو أن القادم أعظم، فالإعدامات بدم بارد یومیة ویكاد عدد الشھداء حتى الیوم یصل إلى 40 شھیداً منذ بدایة العام، والصراع على الأرض في مناطق "ج"، وتدنیس المسجد الأقصى وخطط تدمیره، وقضیة الأسرى الملتھبة، وتدمیر منازل أبطال العملیات الاستشھادیة، وتواصل الاجتیاحات التي تنتشركالفطر، التي تشكل حافزاً للرد والثأر، والنیران وقد ازاداد أوارھا لھیباً، خلیط متفجر یتفاعل، ووضع آخذ بالتدھور.

رمضان یقترب، وتزدحم معه التقدیرات التي ترى أن تسونامي الانتفاضة الفلسطینیة قادم لا محالة، وعلى ھذا تُعلِّقُ الكاتبة الصھیونیة في مقال لھا في صحیفة "إسرائیل ھيوم" عنونته بــــــ "أیام الرعب"، بما تقوم به حكومة الیمین الصھیوني الدیني، بأن "الكیان كله أمام امتحان أمني متفجر ومعقد للغایة".