• بشارات: الخطط الأمريكية والإسرائيلية لم تستطع إنهاء فكرة المقاومة
• عساف: السلطة تُشكّل في تعاونها الأمني أداة لإضعاف المقاومة

طيلة سنوات، حاولت الإدارة الأمريكية استهداف المقاومة الفلسطينية بمجموعة خطط كانت في معظمها تتبنى الخيار الأمني في تصفيتها لتمهيد الطريق لشطب القضية الفلسطينية، إلا أنها وعلى الرغم من تأثيراتها الكبيرة في ظلّ تعاون السلطة برام الله معها، لكونها مثّلت إحدى أدوات واشنطن في تلك الخطط، لم تستطع القضاء على المقاومة المتصاعدة، وفق محللَيْن سياسيَّيْن.

واستهدفت واشنطن المقاومة الفلسطينية عبر خطط عديدة، كان من أبرزها خطة الجنرال الأمريكي "كيث دايتون" عام 2007، التي هدفت لتفكيك البنى التحتية لفصائل المقاومة في الضفة الغربية.

وأمام حالة المقاومة المتصاعدة، تطرح الولايات المتحدة حاليًّا كما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي خطة جديدة طرحت بعد زيارة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن للمنطقة مؤخرًا برفقة مسؤولين بارزين.

اقرأ أيضًا: تقرير "السور الواقي 2".. "هرطقة" من "بن غفير" لـ"طمأنة مناصريه"

وسيتولى الجنرال الأمريكي "مايكل فينزل" تنفيذ الخطة، وتهدف لإعادة سيطرة السلطة من جديد على شمال الضفة وتحديدًا مدينتي جنين ونابلس، وتقوم على فكرة إنشاء قوة فلسطينية خاصة يتمّ تدريبها وإرسالها إلى المدينتين للمواجهة مع المجموعات المقاومة المسلحة بهدف "هزيمتها والقضاء عليها".

ظروف مختلفة

ورغم أنّ الظروف التي نشأت فيها خطة "دايتون" وفق المحللَيْن السياسيَّيْن اللّذَين تحدثت إليهما صحيفة "فلسطين" ساعدت في استهداف المقاومة، سهّلها تولي محمود عباس رئاسة السلطة الذي يحمل مشروعًا يعارض المقاومة المسلحة، إلا أنّ الظروف الحالية مختلفة تمامًا، فالسلطة فعليًّا فقدت السيطرة على جنين ونابلس، ووجود حكومة مستوطنين فاشية ستؤدي جرائمها لاندلاع "انتفاضة ثالثة".

وتنظر الإدارة الأمريكية، بحسب مدير مركز "يبوس" للدراسات، سليمان بشارات، لمنطقة الشرق الأوسط على أنها تهدد الوجود الأمريكي وبالتالي تسعى بكل التوجُّهات السياسية والأمنية لمنع وجود أيّ عقبات أمامها سواء ما يتعلق بالقضية الفلسطينية التي هي "لب الصراع" والمدخل السياسي للقضايا الأخرى بالمنطقة أو غيرها.

ويقول بشارات لصحيفة "فلسطين": "إنّ الخطط الأمريكية تصبُّ دائمًا في مصلحة تحقيق حالة من الاستقرار للاحتلال لكونه يؤدي منذ نشأته عام 1948 حالة وظيفية تتناغم مع الرؤية الأمريكية والغربية في المنطقة، وبالتالي الهدف الأساسي للخطط هو تحقيق حالة من الاستقرار للمشروع الأمريكي وهذا يفسره إرسال وزير الخارجية الأمريكي ومدير المخابرات مؤخرًا لتحقيق نفس الهدف".

ورأى أنّ جميع الخطط لها تأثيراتها، سواء على حالة المقاومة في فلسطين أو على حالة المقاومة في الإقليم (محور المقاومة)، وهي ملفات لا تنفصل عن بعضها.

وبالرغم من تأثير الخطط الأمريكية على بنية المقاومة بالضفة، إلا أنّ بشارات يعتقد أنها لم تستطع القضاء على فكرة المواجهة والممانعة، وإنما تسببت في تبطيء دورها وانطلاقتها وتأثيراتها، في المقابل ذهبت المقاومة لاستخدام أدوات وطرق ووسائل تجعلها تحافظ على ديمومتها واستمراريتها.

وانطلقت أدوات المقاومة بالحجر والمقلاع، ثم استخدمت آليات كثيرة وتكتيكات على شكل تنظيمات أو مجموعات صغيرة كظاهرة "عرين الأسود" بنابلس أو حالة المقاومة بمخيم "جنين"، وتختار التوقيت وآليات التنفيذ، كما ذكر بشارات.

وأشار إلى إعراب مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، عن قلقه من الأوضاع في الأراضي المحتلة، وأنّ الأمور قد تؤول لانتفاضة ثالثة، وكذلك تصريحات وزير من يسمى الأمن القومي الإسرائيلي الفاشي "إيتمار بن غفير" الذي أعلن أنّ الاحتلال بصدد تنفيذ عملية "السور الواقي 2" بالقدس.

اقرأ أيضًا: تقرير هل يكرر الاحتلال سيناريو عملية "السور الواقي" في جنين؟

وعندما نفّذ الاحتلال عملية السور الواقي بالضفة عام 2002، كان هدفها، كما ذكر بشارات، تفكيك البنية التحتية للمقاومة عبر الاجتياح والاغتيال والأسر، لكن في المقابل لم تستطع إزاحة الفكرة من أذهان الشعب.

خطط لم تنجح

وقال: "ما يجري اليوم هو خير شاهد، فلم يكن هناك تصور أن يكون هناك فصائل مقاومة بغزة ويكون لها دور مستقبلي، إضافة لاتساع رقعة المقاومة بالضفة وعودتها للاشتباك مع الاحتلال، وهو يؤكد أنّ الخطط الأمريكية والإسرائيلية لم تستطع إنهاء فكرة المقاومة".

بينما أشار الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف إلى أنّ الخطط الأمريكية بدأت منذ عدة عقود فيما عرف بمشروع "توطين اللاجئين"، وبالتالي جاءت المحاولة الأمريكية الجديدة لاستئناف جهود القضاء على المقاومة وتمهيد الطريق أمام الاحتلال لتصفية القضية ودمجه بالمنطقة وحمايته من أيّ محاسبة كهدف واحد حملته تلك الخطط التي اختلفت في أسمائها.

ويقول عساف لصحيفة "فلسطين": "إنّ الضغط الأمريكي لم يؤدِّ لإضعاف المقاومة، بل بالعكس تمامًا كلما اشتدت الهجمات ازدادت المقاومة، فمشروع المفاوضات جلب للشعب الفلسطيني الدمار".

وأضاف أنّ السلطة تشكل بشكل أو بآخر في سلوكها وتنسيقها وتعاونها الأمني أداة لإضعاف المقاومة وفرض حالة هدوء تجعل الاحتلال يستولي على الأرض، واليوم تحاول أمريكا إعادة تأسيس العقيدة الأمنية فيما يعرف بعقيدة "فينزل"، لتعزيز دور أجهزة أمن السلطة في قمع المقاومة بالضفة الغربية.

وفي وقت تتصدى فيه المقاومة للاعتداءات الإسرائيلية بالضفة، ما زالت السلطة تراهن على الخطط والمشاريع الأمريكية وخططها الرامية لتسهيل الطريق أمام الاحتلال لابتلاع الأرض، وهذا يتعارض مع الإرادة الشعبية التي تريد وحدة ومقاومة، وفق عساف.