فلسطين أون لاين

حوار القاسم: السلطة "بطانةٌ آمنة" للاحتلال.. وإنهاء التنسيق الأمني يتحقق بتصفية (أوسلو)

...
د.أنيس القاسم الخبير في القانون الدولي
عمان- غزة/ أدهم الشريف:

وصف الخبير في القانون الدولي د.أنيس القاسم، السلطة في رام الله بأنها "بطانة آمنة" للاحتلال الإسرائيلي، بدلالة إعلان رئيسها محمود عباس أن "التنسيق الأمني مقدس".

وأكد القاسم في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أن إنهاء التنسيق الأمني يتحقق فقط بتصفية اتفاق (أوسلو) الموقّع بين منظمة التحرير وحكومة الاحتلال سنة 1993.

وعدَّ أن إعلان السلطة وقف التنسيق الأمني مجرد إدعاء ولن تتمكن من الإقدام عليه، وإن قررت حقًا إيقافه فإنه لا يكفي لأن تركيبة السلطة الحالية قائمة على (أوسلو)، والمطلوب تصفية هذا الاتفاق.

اقرأ أيضاً: حوار أنيس القاسم: السلطة متواطئة مع الاحتلال ضد القضية الفلسطينية

وبيَّن أن السلطة لا يمكن بتركيبتها هذه أن تتبنى مشروع المقاومة ضد الاحتلال، ولن تتحقق أي وحدة وطنية داخلية إذا استمرت في نهج (أوسلو)؛ في إشارة واضحة إلى حالة الرفض الشعبي والفصائلي الواسع لهذا الاتفاق.

ونبَّه القاسم إلى أن السلطة تواصل عملها لأنها مصلحة إسرائيلية وهي قائمة بإرادة دولة الاحتلال، وليست بإرادة الشعب الفلسطيني، وأقترح لمن يشكك في ذلك إجراء استطلاع تشارك فيه شريحة معينة من الشعب الفلسطيني، أو محافظة لوحدها، على أن يتمحور حول عمل السلطة إن كان وطنيًا أم استعماريًّا؟ وعندها ستكتشف النتيجة.

واجب وطني

وأضاف أن "تصفية (أوسلو) والسلطة هو الواجب الوطني الأول، لأن الاحتلال والمستوطنين يمارسون الاستباحة المطلقة بالدم الفلسطيني، ويوغلون في ذلك لأن هناك سلطة فلسطينية تُشكِّل حاجزًا أمنيًا لحمايتهم".

ونبَّه إلى أن خطط حكومات الاحتلال المتعاقبة وصلت إلى مرحلة ترحيل الشعب الفلسطيني من قراه ومدنه في القدس والضفة الغربية حتى في الداخل المحتل منذ نكبة 1948، في حدثٍ يشبه ترحيل الحكومة العسكرية في ميانمار مليونًا من مواطني الروهينجا عبر الحدود إلى بنغلادش، وعندها ندد العالم كله لكنه لم يفعل شيئًا.

وتابع القاسم وهو رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج سابقًا: إن الاحتلال ومستوطنيه يستبيحون الفلسطينيين بشكل مطلق دون وجود حاجز يردعهم عن هذا التصرف انطلاقًا مما يسمى "قانون القومية" الإسرائيلي الذي بموجبه يزعم الاحتلال أن الأرض له، وأن أصحابها الفلسطينيين أجانب ويجب التخلص منهم.

وبينما شدَّد على أن حكومة الاحتلال الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، يمينية متطرفة، اتهم الحكومات المتعاقبة في الكيان منذ عهد دافيد بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي، بأنها تحمل ذات النهج اليميني المتطرف.

واستدرك القاسم: أن "حكومات الاحتلال منذ عهد بن غوريون، تسير على نفس النهج وتتبارى جميعها في كيفية تشتيت الفلسطينيين والسيطرة على أراضيهم، لكنهم يختلفون في طريقة التطبيق".

ومقابل ذلك، نبَّه إلى أن "المشهد الفلسطيني بائس جدًا، والذي يزيده بؤسًا وجود السلطة على رأس القرار الفلسطيني"، مضيفًا: "مأساتنا أننا نعاني احتلاليْن، الإسرائيلي والسلطة، وقد أصبحت الأخيرة رسميًا إدارة مدنية بلباس فلسطيني وليست بلباس إسرائيلي".

اقرأ أيضاً: أنيس القاسم: على قيادة السلطة والمنظمة إنهاء اتفاقاتها مع الاحتلال

ورأى أن "الواجب الوطني يقتضي سحب الشرعية من السلطة القائمة، وعليها أن تحل نفسها وتندثر، وتصفية تركة (أوسلو)، ودون ذلك سيتجه الواقع الفلسطيني إلى ظروف أسوأ".

وعدَّ أن الخلاف في الساحة الفلسطينية ليس بين فتح وحماس، إنما بين التنسيق الأمني و(أوسلو) من جهة، والمقاومة الفلسطينية من جهة أخرى.

وشدد على أن اتفاقيات "كامب ديفيد" و"وادي عربة" و(أوسلو)؛ "أثبتت كلها أن لا سلام ولا مهادنة مع الاحتلال".

خطر (أوسلو) والتطبيع

وعدَّ أن اتفاقيات التطبيع بين أنظمة عربية وكيان الاحتلال، ليست أخطر من (أوسلو) وعدَّ أنها جريمة كبرى ارتكبتها قيادة منظمة التحرير عندما وقّعت هذا الاتفاق برعاية دولية ومباركة عربية.

ونبَّه إلى أن المنظمة "أزاحت ودمرت حاجز المناعة الذي كان موجودًا في العالم العربي عندما وقعت واستسلمت في (أوسلو)، وتبع ذلك انهيارات عربية من حولنا".

كما عدَّ أن هذا الاتفاق أدى إلى شرعنة وجود الاحتلال على أرض فلسطين، وقد وزعت قيادة المنظمة على من حولها وهمًا بأنها توصلت إلى اتفاق لـ"تسوية" الصراع.

"لكن من يقرأ اتفاقيات (أوسلو) يستقر في قناعته أن قيادة المنظمة وقعت وثيقة استسلام تشرع وجود الاحتلال الذي أصبحت مقاومته جريمة والتعامل والتنسيق معه عملًا مشروعًا يجب أن يتم طبقًا لـ(أوسلو)، بحسب قاسم.

وشدَّد على أن الأنظمة الرسمية العربية لم تكن في يوم ما مع القضية الفلسطينية، لذلك تطبيع قيادة هذه الأنظمة "تحصيل حاصل وليس جديدًا"، لكن الشعوب العربية لا تزال ترفض التطبيع، بدلالة ما شاهدناه من تعامل مواطنين من مختلف الدول العربية مع مراسلي القنوات العبرية في أثناء التغطية الإعلامية لمونديال كأس العالم 2022 في دولة قطر.

"ولذلك لا يتوجب علينا الخوف من التطبيع، بل إنه يتركز من (أوسلو)"، والقول للقاسم.

ووصف المقاومة في قطاع غزة بأنها "الذخيرة الوحيدة للفلسطينيين ويضاف إليها الشباب الثائر في الضفة الغربية، وهم الأمل المتبقي لهذا الشعب".

وأوصى بضرورة العمل على إطلاق طاقات الشعب الفلسطيني كلها، مبينًا أن "ما يحول دون ذلك وجود (أوسلو) والسلطة، ويجب التخلص وتصفية هذه التركة، وبعد ذلك لن يحتاج الشعب الفلسطيني إلى أحد ليشفق عليه أو يساعده".

وفي موضوع آخر، تحدث القاسم عن القانون الدولي والفائدة الممكن تحقيقها للقضية الفلسطينية تزامنًا مع تصاعد انتهاكات الاحتلال، مبينًا أن قيادة السلطة ليست معنية بملاحقة الاحتلال أمام القضاء الدولي".

وبشأن ملف الانتخابات التي عطلها رئيس السلطة محمود عباس في 2021، شدَّد على أهميتها شرط أن تعمل أساسًا على إعادة تأسيس المجلس الوطني الفلسطيني.