عدّ رئيس المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أنيس القاسم السلطة برام الله متواطئةً مع الاحتلال الإسرائيلي ضد القضية الفلسطينية واستباحة أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وتوسيع الاستيطان فيهما، مطالبًا بضرورة محاكمة قيادتها بتهمة "الخيانة والتواطؤ".
وقال القاسم في حوار خاص بصحيفة "فلسطين": إن قيادة السلطة تتحمل مسؤولية تاريخية ويجب محاكمتها بتهمة التواطؤ مع الاحتلال، كما أنها لم تفسح المجال لأشخاص آخرين لقيادة المشروع الوطني، إثر فشلها السياسي على مدار أكثر من 30 عامًا، مؤكدًا أن السلطة لا تستطيع إحداث أي تغيير في واقع الشعب الفلسطيني، بعدما أصبحت قادتها أسرى للتنسيق الأمني واتفاقية "أوسلو".
واعتبر أن بقاء السلطة يرقى لمرتبة "الخيانة" مع الاحتلال ضد القضية الفلسطينية، لكونها عملت على تشتيت شعبنا الفلسطيني وتفريق شمله بدلًا من تحقيق الوحدة الوطنية وتكريس الجهود في مواجهة المحتل ومخططاته التصفوية.
وأضاف أن قادة السلطة باتت لا تشعر بالمهمة التاريخية، وهي إفساح المجال لقيادة جديدة، مطالبًا بضرورة إجراء انتخابات ديمقراطية لمجلس وطني جديد يفرز لجنة تنفيذية جديدة، بعيدة عن عباءة "أوسلو".
ودعا النخب الفلسطينية إلى خلع قيادة السلطة الحالية بسبب فشلها في المهام المطلوبة منها في الحفاظ على المصالح الفلسطينية والثوابت الوطنية، مردفًا "30 عامًا من الاستيطان المتسارع واستباحة الاحتلال الضفة، واستمرار جرائم القتل ضد الفلسطينيين، والتطهير العرقي لهم، على مرأى السلطة".
اجتماعات بلا جدوى
وشدد على ضرورة رحيل قيادة السلطة الحالية التي اعتادت استنساخ اجتماعات منظمة التحرير التي تسيطر عليها، دون تطبيق أي من قراراتها على الأرض، بل اقتصارها على بيانات الاستنكار والإدانة الفارغة.
وبيّن أن التنسيق الأمني بالنسبة لرئيس السلطة محمود عباس مقدس لا يمكنه التنازل عنه أو التخلص منه، فهو جعل نفسه رهينة للاحتلال، في حين أصبح أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مجرد موظفين، مشيرًا إلى أن قرارات الاجتماع الذي عقده عباس أمس -كما الاجتماعات السابقة- لن تحرّك ساكنًا وحققت "صفرًا كبيرًا".
واستبعد القاسم تطبيق السلطة قرارات المجلسين "المركزي" و"الوطني"، التي أعلنتها خلال اجتماعاتها السابقة، إذ إنها وضعتها "حبيسة الأدراج"، مضيفًا أن تلك القرارات لن تخرج إلى حيز التنفيذ "لأن عباس بصق عليها وعلى المجلسين وقيادة فتح أيضا، وأعاد التنسيق الأمني بعد مرور 6 أشهر على إعلان تجميده".
ونبه إلى أن عباس لن يستطيع الانفكاك عن التنسيق الأمني، وأنه يخشى تركه وانتهاء الحال به كما الرئيس الراحل ياسر عرفات، لافتًا إلى أنه لا يزال يواصل الاستجداء لعودة المفاوضات مع الاحتلال برعاية الإدارة الأمريكية، ضمن مبدأ "الإفلاس المطلق" الذي تعانيه السلطة.
ورأى أن استمرار رهان السلطة ورئيسها على المفاوضات يعبِّر عن حالة استسلام لمتطلبات الاحتلال، مستنكرًا الرهان على الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن، كونها استمرارًا لسياسة إدارة الرئيس السباق دونالد ترامب، فسياساتها لم تتغير تجاه السلطة والاحتلال، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني يفتقر إلى قيادة رسمية جريئة ذات مواقف صلبة، لا تنصاع لأي شروط إسرائيلية وأمريكية.
واستنكر استمرار اللقاءات التطبيعية بين مسؤولين في السلطة وشخصيات إسرائيلية، معتبرًا إياها "تواطؤًا مع الاحتلال".
والتقى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي، قبل أيام بـ20 شخصية إسرائيلية بمقر رئاسة السلطة في رام الله، بتنظيم مما تُعرف بـ"لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي" التابعة لمنظمة التحرير، بحضور عدد من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح.
وقال القاسم: "يجب إقامة محكمة ثورية لمحاكمة كل مسؤول فلسطيني يتواصل مع الاحتلال، ويمد الأجل في أوسلو، لأنه بذلك يمنح المستوطنين الزمن لبناء مستوطنات أكثر والاستيلاء على أراضٍ أكثر".
وفيما يتعلق بقرار الاحتلال تصنيف 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية بأنها "إرهابية"، اعتبر القاسم الإجراء الإسرائيلي يندرج ضمن "التنسيق الأمني الذي تمارسه قيادة أوسلو مع الاحتلال"، مشيرًا إلى أن السلطتين الفلسطينية والإسرائيلية ضاقتا ذرعًا من هذه المنظمات وتحركاتها التي سببت لهما حرجًا كبيرًا، ما جعله يتخذ هذه الإجراءات.
ووصف ما صدر عن السلطة من إدانات واستنكار لقرار الاحتلال بأنه مجرد "ذر للرماد في العيون".
فساد السلطة
وفيما يتعلق بتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الذي كشف عن فساد السلطة، قال: إن هذا النهج هو الذي اعتادت عليه السلطة طوال السنوات الماضية.
وبلغ مجموع الشكاوى التي تلقاها الديوان عن العام الماضي (147) شكوى وبلاغًا، وأظهر التقرير تجاوزات وفسادًا في كثير من الملفات، أبرزها ملف وقفة عز الخاص بتوزيع المساعدات خلال جائحة كورونا، وملف تحويل العلاج بالخارج، وملف الحج، وتجاوزات في وزارة المالية.
وبيّن القاسم أن قيادة السلطة وصلت إلى مرحلة "الوقاحة والسرقة العلنية"، وفسادها ليس استثناءً، بل القاعدة الأساسية والضرورية لتطبيق "أوسلو".
وبشأن تسريب الأراضي والعقارات وخاصة المقدسية للمستوطنين، عدّ القاسم ذلك "جزءًا من فساد السلطة بالتعاون مع سلطات الاحتلال"، متهمًا إياها بالتواطؤ في هذه الجريمة "فهي لا ترصد أي ميزانية لدعم القدس وصمود أهلها، إنما تذهب قرابة 33% من ميزانيتها لأجهزة أمنها".
واعتبر الشقق السكنية التي أقدم على بنائها رجل الأعمال بشار المصري خارج القدس، قرب مخيم قلنديا "أحد أوجه الفساد والتواطؤ، بهدف تفريغ القدس من أهلها وإبقائها للمستوطنين".