فلسطين أون لاين

تقرير دعوات أوروبية لوقف تمويل أمن السلطة.. الاعتقالات السياسية تحت المجهر

...
أجهزة السلطة بالضفة الغربية (أرشيف)
رام الله-غزة/ يحيى اليعقوبي:

تتعالى أصوات أوروبية تدعو إلى حجب الدعم المالي المقدم من عواصم الدول الغربية لأجهزة أمن السلطة، في ظل تغولها على المواطنين بالضفة الغربية، واستمرارها في قمع الحريات، إذ وصلت حالات الاعتقالات السياسية العام الماضي إلى مستوى قياسي، بلغت نحو ألف حالة ما بين استدعاء واعتقال.

ودعا 23 عضوًا في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، وهي منظمة دولية مكرسة لدعم حقوق الإنسان، أخيرًا، إلى استبعاد وزارة داخلية السلطة وأجهزة أمنها من المساعدات المالية للاتحاد الأوروبي.

وطالب الأعضاء، الذين يُمثّلون 12 دولة باشتراط استئناف المساعدات المالية والخدمات الأمنية لصالح أجهزة أمن السلطة، بإحراز تقدم في مجال حقوق الإنسان بالضفة الغربية المحتلة.

وجاء في الرسالة المذيلة بتواقيعهم: "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تقارير منظمات حقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، بشأن الممارسات المنهجية للأجهزة الأمنية الفلسطينية المتمثلة في إساءة استخدام تُهم الأمن القومي وقوانين مكافحة غسيل الأموال، والاعتقال التعسفي والتعذيب وتجميد الحسابات المصرفية لمنتقدي السلطة".

اقرأ أيضًا: تقرير قرار السويد بوقف تمويل السلطة الفلسطينية يفتح ملف "فسادها"

وشدد الأعضاء الأوروبيون، "على أنّ عدم إجراء تحقيق سليم في جريمة قتل السياسي المعارض المعروف نزار بنات، يجعل الحكومة والسلطة الفلسطينية غير مقبولتين"، داعين إلى "الإفراج الفوري عن المعتقلين على خلفية قضايا ملفقة".

ويُعدُّ الاتحاد الأوروبي الداعم الأكبر لميزانية السلطة منذ نشأتها، كما أنّ له قنوات دعم أخرى لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، تبلغ قيمة الدعم السنوي (300-310 مليون يورو).

وبحسب بيانات نشرها مكتب المفوضية الأوروبية في القدس المحتلة في يناير 2021، فقد قدّم الاتحاد الأوروبي للسلطة منحًا ومساعدات تُقدّر بـ 6.7 مليارات دولار، وتُمثل ما نسبته 18.4% من إجمالي الدعم، في حين تحتلّ الولايات المتحدة المرتبة الثانية في دعم للسلطة بإجمالي 5.74 مليارات دولار، وتُمثل ما نسبته 15.7% من إجمالي المنح.

تصويب الحالة

ويرى الناشط الحقوقي في مجموعة "محامون من أجل العدالة" ظافر صعايدة، أنّ أيّ قرار يتعلق بوقف أيّ دعم للسلطة بسبب سلوكها الأمني يساهم في تصويب حالة حقوق الإنسان، لافتًا إلى أنه في العامين الماضيين ارتفعت حالة انتهاكات الحريات بالضفة الغربية.

وقال صعايدة لصحيفة "فلسطين"، إنّ الدعوات الأوروبية جيدة وتؤثر في دفع السلطة لمراجعة سياساتها بشأن قمع الحريات، وتصحيح المسار الخاطئ في الاعتقال"، مشيرًا لوجود حالة "انحدار في مستوى الحريات" والقمع المتواصل تستخدم فيها أساليب اعتداء في أثناء الاعتقال ترتقي لأن تكون جريمة، بالضرب المبرح وتشكيل الخطر على حياة المعتقلين".

ويُعتقد أنّ حجب الدعم أو تقليله مهم للخروج من "الحالة السوداوية" بسبب الاعتقال، خاصة أنّ الدول الأوربية تُزوّد أجهزة أمن السلطة بأدوات القمع، مثل ما حصل بعدة مظاهرات، إذ استُخدمت قنابل الغاز المسيلة للدموع وأدوات وتقنيات قمع عديدة.

وعدَّ استمرار الدعم الأوروبي "شيئًا مخزيًا" تتحمل مسؤوليته الدول الغربية بالرغم من استمرار الانتهاكات، وتجعلهم شركاء بارتكابها، في ظل تسجيل أعلى حالات اعتقال واستدعاءات سياسية في 2022 تجاوزت 700 حالة بالضفة الغربية، ويعد رقمًا غير مسبوق لم تشهده الحالة الفلسطينية، وهي دليل ومؤشر على تغول السلطة.

اعتبارات سياسية وحقوقية

في حين، يُرجع الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي الدعوات الأوروبية لعدة أمور أولها أنّ قوانين هذه الدول تمنع تمويل الجهات التي تمارس التعذيب، لكون أوروبا في النهاية "دولًا ديمقراطية توجد فيها منظمات مجتمع مدني قوية، تعترض على السياسات التي تخالف القوانين، فتتعرض تلك السياسات للمساءلة من شخصيات برلمانية أو إعلامية أو حقوقية أو من منظمات المجتمع المدني".

ويرى عرابي لصحيفة "فلسطين"، أنّ الوضع الاقتصادي ينعكس على قدرة الأوروبيين على تمويل جهات متعددة منها السلطة، وكذلك لا يمكن القفز عن الاعتبارات السياسية، فتريد تلك الدول أن تكون نافذة أكثر لدى الجهات التي تُمولها وتستخدم موضوع التمويل وذرائع التعذيب من أجل المزيد من النفوذ والابتزاز السياسي، ويكون لها دور في صياغة شكل السلطة وسياساتها.

اقرأ أيضًا: لماذا يتلكّأ العرب في تفعيل "شبكة الأمان المالية" لدعم السلطة؟

وفي وقت أشار لوجود تدافع سياسي وحقوقي حقيقي في الدول الأوروبية، وشدد عرابي على أنّ استثمار هذه البيئة الأوروبية من المتضررين من سياسة السلطة مفيد في التخفيف من سياسة الاعتقال، لكون هذا السلوك لم يتوقف منذ تأسيس السلطة.

وبينما رحّب مدير مركز "شمس" لحقوق الإنسان عمر رحال، بالدعوات الأوروبية، لكون الاتحاد الأوروبي يُعدُّ أكبر داعم للسلطة، وطالب بأن لا تكون تلك الدعوات على قاعدة "الكيل بمكيالين".

وقال رحال لصحيفة "فلسطين": "إنّ أي احترام لحقوق الإنسان ينبغي أيضًا توجيه دعوات لمقاطعة الاحتلال في ظل جرائم بشعة يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني".

وشدد على ضرورة وقف الاعتقال السياسي وتحريمه لأنه مُنافٍ للقانون الأساسي الفلسطيني، الذي ينصُّ على حرية تشكيل الأحزاب، ووقف الاعتقال الذي له علاقة بعدم احترام الالتزامات الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عادًّا أنّ أيّ اعتقال لمجرد حرية التعبير "معيبًا".