فلسطين أون لاين

أمضى 17 عامًا في سجون الاحتلال

تقرير المحرر "ناصر أبو خضير"... قيود الاحتلال قطعت أوصاله عن فلسطين منذ سنوات

...
الأسير المحرر ناصر أبو خضير
القدس المحتلة- غزة/ نور الدين صالح:

"هناك أوامر عُليا بخنق هذا البيت"، هي كلمات استقبلها المحرر ناصر أبو خضير (62 عامًا) من ضابط إسرائيلي في إحدى مرّات اقتحام منزله الواقع في مخيم شعفاط شمالي مدينة القدس المحتلة، في رسالة "تهديد ووعيد" واضحة، يتبعها سلسلة من الإجراءات التعسفية الظالمة.

لم يمضِ سوى بضعة أيام على الاقتحام، حتى تباغت قوات من جيش الاحتلال العائلة باقتحام آخر، واعتقال له أو لزوجته، ضمن سياسة ممنهجة لتضييق الخناق على أفراد العائلة، والذريعة هي تمثيل خطر على أمن (إسرائيل).

كانت آخر الاقتحامات الأحد الماضي، حين داهمت قوّة من مخابرات الاحتلال وما يسمى حرس الحدود الإسرائيلي بيت عائلة "أبو خضير"، إلا أن نجله تصدّى لهم وأصرّ على عدم دخولهم المنزل، لكنهم طلبوا "زوجة ناصر" للاعتقال، واقتادوها إلى مركز تحقيق المسكوبية القريب من منطقة سكنه، حسبما يروي "ناصر" لصحيفة "فلسطين".

اقرأ أيضاً: بالفيديو "ارمِ جوالك".. تفاصيل رسالة أسير محرر لمقاومي جنين

يرجع "أبو خضير" بشريط ذاكرته إلى بدايات "مسلسل التضييق" من سلطات الاحتلال الذي جاء بعد 17 عامًا أمضاها متنقلًا بين سجون الاحتلال، فكانت البداية في شهر يونيو/ حزيران عام 2021، عندما تسلّم أول قرار بمنع دخوله كل مناطق شرقي القدس المحتلة مدة 6 أشهر مع مرفق لخريطة تبيّن المناطق المسموح دخولها من شمال القدس إلى جنوبها، إذ يسمح له بالتوجه إلى المستشفى الفرنسي في حي الشيخ جراح وفي شارع محدد. 

سبعة أيام فقط مرّت على القرار، حتى تسلّم أبو خضير القرار الثاني الذي يقضي بمنع دخوله الضفة الغربية مدة 6 أشهر أيضًا، والأسبوع الذي تلاه تسلّم قرارًا يمنعه من التواصل بأي وسيلة مع قائمة تضم أكثر من 25 شخصية، بزعم أنهم "ناشطون في الجبهة الشعبية"، يضيف "أبو خضير".

وحرمت قرارات الاحتلال "أبو خضير" من مزاولة مهنته الأساسية وهي تدريس "الدراسات الإسرائيلية" في جامعة القدس أبو ديس.

ويوضح أنه تسلّم القرارات الثلاثة من "الحاكم العسكري الإسرائيلي للمنطقة الوسطى"، وتجدد بعد انتهاء المدة المحددة لها فورًا، مشيرًا إلى أن محاصرته بدأت فعليًا بعد ترشحه لانتخابات المجلس التشريعي عن قائمة "نبض الشعب" التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وكان الاحتلال هدد "أبو خضير" وفق قوله، في اعتقاله الأخير في شهر ديسمبر 2020 الذي أمضى فيه 3 أشهر إداريًا، بضرورة عدم الترشح للمجلس التشريعي، متابعًا "تفاجئ الاحتلال بأنني مرشح للانتخابات واستدعاني للتحقيق وهددني بالخنق والمضايقة".

ويضيف: "الاحتلال يرى أنني أمثل خطرًا على أمنه وسلامة الجمهور، لذلك يريدون الحد من التحرك والبقاء في مناطق شرقي القدس"، لافتًا إلى أنه سحب منه وزوجته التأمين الصحي والوطني عام 2021.

مسيرة الاعتقال

حفر "أبو خضير" تاريخًا ناصعًا من النضال ضد الاحتلال، فكانت نتيجته الملاحقة والاعتقال التي بدأت مسيرته عام 1977، حينما اعتقل لأول مرّة وهو في السادس عشر من عمره، حسبما يروي.

وكان الاعتقال الثاني في عام 1981، حين كان طالبًا في جامعة بيروت العربية، إذ اعتقلته سلطات الاحتلال خمسة أعوام بعدما انفجرت بيده "عبوة ناسفة" كان يُعدّها، ما أدى إلى تضرره صحيًّا.

ومنذ ذلك الوقت وما يزال يعاني "أبو خضير" فقدانَ الرؤية في عينه اليمنى، وتشوهًا في الوجه، وبترًا في إحدى قدميه، مردفًا: "وقد توالت بعدها الاعتقالات على مراحل متعددة وآخرها في شهر ديسمبر 2020، حتى بلغت إجمالي 17 عامًا".

اقرأ أيضاً: إصابة أسير محرر بجلطة عقب احتجازه لدى الأجهزة الأمنية برام الله

ويبين أن حالته الصحية تشهد تراجعًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، إذ أصبح يعاني مشاكل في القلب والرئتين إضافة إلى ضُعف في النظر والسمع.

ولم تكن زوجته "عبير أبو خضير" بعيدة عن ذلك المشهد، إذ اعتادت قوات الاحتلال على اعتقالها مرّات عدّة، وتمضي أسابيع في سجونها، وكان آخرها عامي 2018-2019، إذ أمضت 3 أشهر، وحكمت عليها محكمة الاحتلال ما يُسمى بـ "الخدمة المدنية" مدة 6 أشهر، حيث تعمل بموجبها لصالح مؤسسات الاحتلال. 

ويختم "أبو خضير" حديثه والغصّة ترافق صوته المُتعب "أنا مُجبر على الامتثال لهذه القرارات الجائرة، تحت طائلة الاعتقال، وأحاول بكل جهدي التعايش مع تلك القيود المفروضة، بما لا يلحق الضرر بحياتي الشخصية أو عائلتي".