عقّب عضو الكنيست الإسرائيلي أرييه درعي على قرار المحكمة الإسرائيلية إلغاء تعيينه وزيرًا للداخلية في حكومة نتنياهو وقبل إقالته قائلًا : الكنيست هو الذي عينني في المنصب الوزاري، وليس رئيس الحكومة، وتساءل: هل قرار 11 قاضيًا في المحكمة العليا أكثر صوابًا من قرار 63 عضوًا في الكنيست منتخبين قانونيًا.
مرارًا قُلت إن التحليل السياسي والعسكري وغيره يعتمد أساسًا على المنطق، ولكن كيف يمكنك أن تتنبأ بالتحليل ما الذي يمكن أن تفعله حكومة فيها أمثال أرييه درعي ؟ شخص تقلد منصب وزير أكثر من مرة لا يمكنه أن يستوعب كيف يمكن أن يكون قرار 11 قاضيًا أكثر صوابًا من قرار 63 عضوًا في الكنيست، هو لم يقارن إلا بين رقمين، لا قيمة عنده للسلطة التي يمثلها كل طرف ولا يعترف بالمهام والتخصصات، وهذا الشخص وأمثاله يمثلون خطرًا على المنطقة بأسرها وليس على الكيان الإسرائيلي فقط.
ومن العجيب أيضًا أن يحظى مثل أرييه درعي بمحبة ودعم شريحة واسعة من الإسرائيليين المتطرفين، فإلى جانب الغباء الذي يميزه فقد أدين وسجن أرييه درعي بسبب فساده واختلاسه للمال العام، ومع ذلك كان يطالب بوزارة المالية قبل إسناد وزارة الداخلية له وطرده من الحكومة لاحقًا، هذا مجتمع عجيب ويعيش اضطرابات داخلية شديدة قد تعجل في زوال كيانه غير الشرعي، الكراهية بين فئات الكيان الإسرائيلي لم تعد مستترة، وظهرت بأوضح صورها وتحولت إلى انقسام يعيشه الشارع الإسرائيلي حاليًا، وما الاحتجاجات اليومية بعشرات الآلاف ضد الحكومة والمتطرفين إلا دليل من الأدلة الكثيرة على الانقسام، ولا أستبعد أن تتعمق الأزمة فتتحول إلى عنف حقيقي بين فئات الكيان المختلفة، وإلى جانب الكراهية هناك ما لا يقل خطورة عنها وهو تقديم الأحزاب الإسرائيلية وسياسييها مصالحهم الشخصية على مصلحة كيانهم المصطنع، وهذه مؤشرات على ضعف الكيان وبداية تفككه.
من المواضيع المتداولة حاليًا التي تحظى بنصيب كبير من الدراسة والتحليل هو مصير دولة الاحتلال بعد الذي أصابها من اضطرابات داخلية شديدة، وكذلك مصير دول التطبيع وخاصة تلك التي تعيش أزمات اقتصادية غير مسبوقة وتنذر بانهيارها على الرغم من الوعود التي تلقتها منذ سنوات بمستقبل اقتصادي باهر مقابل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الغاصب، كثيرون الآن لديهم اعتقاد بأن النهاية باتت قريبة للاحتلال ولكل من ظن أن النجاة لا تكون إلا بالتعاون والتطبيع معه.