إن النظر إلى التحولات البنيوية في المجتمع الصهيوني نظرة مشتقة من اعتبارات الحاضر، وتاريخ الماضي، وفي ظل الحكومة اليمينية الفاشية التي يقودها رئيس الوزراء الصهيوني المجرم نتنياهو، تؤكد أن حركة التأريخ تحمل الكثير في الطريق نحو انهيار الكيان، فالمظاهرات الصهيونية التي ضمت ما يزيد عن مئة ألف صهيوني رفضاً لهذه الحكومة، تؤكد تكسر وحدة الكيان سياسياً واجتماعياً، وفشل بوتقة الصهر بالتزامن مع صعود اليمين الصهيوني، و عقيدته الإرهابية الفاشية القائمة على القتل والاستيلاء على أملاك الآخرين بالقوة وبالجرائم دون أي اعتبار لأي قوانين أو مواثيق حقوقية وإنسانية.
وفي المقابل نجد ترابط مجتمع محور المقاومة سوسيولجياً وفق حقائق البناء الاجتماعي، والتفاعل المستمر وفق توازن وتبادل اجتماعي لتحقيق أهدافهم ومصالحهم الوطنية وفق الخصائص المؤسساتية لمجتمع المقاومة المرتبط بواقع مشترك، وليست منعزلة كما حاول الكيان وأعوانه العمل على إحداث خلل في سوسيولوجية المقاومة، عبر مشاريع التطبيع، التي كان آخرها مؤتمر النقب التطبيعي للصهيونية العربية الفاشلة والمنهزمة قيمياً والمفلسة شعبيًا، مع التفاف واحتضان عربي إسلامي واسع خلف المقاومة فكر ومنهاج؛ لاستعادة الحقوق ونصرة المظلومين من الإرهاب الصهيوني.
يجب أن ندرك أن اعْتبَارات التراكم الذي حدث بين الماضي والحاضر في فكر المقاومة حقق تراكم قوة لا يستهان بها، إضافة إلى أبعاد ابستمولوجيا المقاومة اجتماعيًا، والتي نجحت في تحقيق الوعي الوطني المقاوم للجبهة الداخلية، وتكمن القيمة أساساً بارتباطها بالقوى فيما بينها في فصائل المقاومة، وقوى محور المقاومة التي تتكامل أدوارها في مواجهة الكيان الصهيوني.
تظهر جميع المؤشرات انسجام وتناسق عمل الغرفة المشتركة للمقاومة وارتباطها ببعضها، جعل أجهزة أمن الاحتلال تفشل في تحقيق أمنها بعد أن نجح محور المقاومة في تحقيق ديناميكيات الوحدة الأمنية في مواجهة الكيان، وهو ما كشف عنه إعلامياً في وقت سابق عن وجود غرفة أمنية مشتركة في معركة سيف القدس تضم قوى المحور، تعمل وفق عملية تخطيط وتنظيم متكاملة.
استمر تطور العمل طوال المدة الماضية على مراكمة القوة والمعلومات والخبرات، إذ ترى المقاومة ضرورة استمرار المسار التطوري التكتيكي لقوى المقاومة بالتزامن مع عملية تعبئة جماهيرية؛ من أجل تحقيق أهداف المقاومة، الأمر الذي يحتم مزيدًا من العمل المشترك، فالمواجهة أَصْبَــحت فكرية أيــضًا إلى جانب المواجهة العسكرية بهذه الإستراتيجية ترسم المقاومة سبيل التصدي للاحتلال بقوة وفعالية، فما بثته كتائب القسام من مشاهد الأسير الجندي الصهيوني الأسير لديها في غزة أفرها منغستو، والتي قال فيها "إلى متى سأظل هنا أنا ورفاقي بعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة والألم؟ أين دولة وشعب (إسرائيل) من مصيرنا؟"، ما يمثل انتصارًا جديدًا للقسام في حرب العمليات النفسية ضد الاحتلال، إضافة إلى تأكيد جديد أن قضية الأسرى حاضرة وبقوة لدى قيادة المقاومة، وكشفت حقيقة خداع قادة الاحتلال للرأي العام في الكيان، وتهربهم من تحقيق صفقة تبادل، كل ذلك شكل صفعة في وجه رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد هرتسي هليفي في أول أيام استلامه لمنصبه، وطرح كل أكاذيبهم وشائعاتهم الزائفة، وكشف هروب الاحتلال وتعطيله حتى الآن إتمام صفقات التبادل مقابل أسرانا الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ما يحدث في الخان الأحمر من دعوات حكومة نتنياهو لهدمه والاقتحامات المتكررة من المستوطنين الصهاينة للمسجد الأقصى، تعجل بحدوث انتفاضة شعبية فلسطينية، وهو إشعال للمنطقة في وجه الاحتلال وعصابته، ولن تحمل إلا الخزي والعار والهزيمة للكيان، فلا زال سيف القدس مشرعاً، ولن تهزم مقاومة تدافع عن الأسرى والمسرى تحمل منهاجاً جهادياً مستمدًا من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، مدافعين عن الحق بكل السبل والوسائل وعلى كل الجبهات والساحات.
لقد قدمت الروح النضالية للمقاومة أسمى مراتب التضحية، ولا تزال مستمرة في إفشال مخططات الاحتلال في كل الساحات، والعمل من أجل إيصاله نحو نهايته المحتومة، من خلال مواصلة العمل ضمن الأهداف الأساسية للمقاومة عسكرياً وأمنياً وفكرياً وسيبرانياً، بتنا ندرك أن المواجهة الكبيرة باتت مسألة وقت لا أكثر، كل المؤشرات على الأرض توحي بإرهاصات مواجهة قريبة تدخل الاحتلال نحو منحدرات الهزيمة والزوال.