سيظل المسجد الأقصى حارسًا للحقوق الفلسطينية، فالأقصى يحرسنا وكان المتوقع أن نكون نحن حراسه والأمناء عليه. المعادلة تبدو وقد أخذت وضعًا مقلوبًا، وكأننا أمام معادلة: (للبيت رب يحميه).
الأربعاء الماضي زار المسجد الأقصى وفد من الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا والأرجنتين من ثلاثين شخصًا بالتنسيق مع الأوقاف الإسلامية بالقدس التي هي تحت إشراف هاشمي، ولم ينسق الوفد زيارته مع حكومة الاحتلال، باعتبار أن الأردن هو من يتولى الإشراف على الأماكن المقدسة في القدس. وليس (لإسرائيل) سيادة عليه.
الزيارة المنسقة مع الأوقاف تحمل رسالة مزدوجة: الأولى أن الاتحاد الأوروبي يقر بالرعاية الهاشمية. وأنه لا يجوز (لإسرائيل) تغيير الوضع في المسجد الأقصى، وأي تصرف أحادي لن يحظى بتأييد دول الاتحاد وكندا واستراليا والأرجنتين. وأن هذه الدول تشعر بخطر وقلق من محاولات حكومة نتنياهو والمتطرفين فيها للتغيير الأحادي.
والرسالة الثانية مفادها أن الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى التي هي من الدول الداعمة (لإسرائيل) عادة، يقولون إنه لا سيادة لحكومة تل أبيب على المسجد الأقصى، وإن السيادة عليه للأوقاف الإسلامية، تحت الرعاية الأردنية، لذا لم ينسق وفد الاتحاد الأوروبي مع حكومة تل أبيب، وهذا ما أغضب الجانب الإسرائيلي، ولكنه شرح سياسة الاتحاد عمليًّا، وهذا ما أراح الأردن الذي اشتكى (إسرائيل) للاتحاد ولأميركا.
الجانب الإسرائيلي أبدى امتعاضًا من الزيارة لا لأن الوفد لم ينسق مع الحكومة فحسب، بل لأن عدم التنسيق يحمل أبعادًا سياسية تقول إن القدس الشرقية محتلة، وهو ما تتخوف منه (إسرائيل). أقصد أن المشكلة عند تل أبيب ليست في الزيارة، بل في تداعياتها السياسية.
إن إدراك الاتحاد الأوروبي مكانة الأقصى عند المسلمين، وتفهمه لأحقية الأردن في الرعاية، هو ما بعثني على القول : بأن الأقصى يحرسنا، ونحن لا نحرسه. ويجدر بنا أن نعمل بعزيمة أكبر للأقصى، لأن ما نعمله حتى الآن لا يرقى لمكانته وقيمته.