فلسطين أون لاين

الجامعة العربية وشرعنة التطبيع

في رد صادم حول رأيه في تطبيع بعض الدول العربية مع الاحتلال الإسرائيلي، قال رئيس بعثة جامعة الدول العربية في الأمم المتحدة السفير ماجد عبدالفتاح: إن تطبيع بعض الدول العربية مع (إسرائيل) قد يكون في مصلحة الفلسطينيين، ولا يرى في تلك الخطوة تعارضًا مع الدفاع عن القضية الفلسطينية، بل على العكس _من وجهة نظره_ إذ يمكن استخدام التطبيع للضغط على (إسرائيل) عبر الاتصالات المباشرة لتحقيق إنجازات، والتوصل إلى تفاهمات تخص القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن دول التطبيع تؤيد البيانات التي تدين دولة الاحتلال، وتصوت لصالح القرارات المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني. 

جامعة الدول العربية الأصل أن تمثل سكان الوطن العربي، الذين يبلغ تعدادهم حوالي 430 مليون إنسان، يتحدث باسمهم السفير ماجد عبد الفتاح حول كيان محتل لا يزيد عدد الغزاة فيه عن 7 مليون مستوطن، أي كل مستوطن يقابله 60 عربيًا، فضلًا عما يمتلكه الوطن العربي من نقاط قوة، مثل: إحاطته بالعدو إحاطة شبه كاملة، وما تمتلكه الأنظمة من جيوش وأسلحة وثروات، وأهم من ذلك امتلاك تلك الدول ملايين من الشباب المستعد لخوض معركة تحرير فلسطين، وأنا أذكر بهذه الحقائق حتى يفيق الغافلون، ويخجل كل متخاذل على نفسه، لإعطائه دولة الاحتلال أكبر من حجمها وقيمتها، (إسرائيل) التي ترهب وترعب أنظمة أعضاء في جامعة الدول العربية لا تهز شعرة في جسد أي عربي أو أي مسلم، ألا يرون ماذا فعلت غزة بالاحتلال؟ ألا يرون أن المقاومة تأسر جنود إسرائيليين وجيش الاحتلال عاجز عن اقتحام الحدود التي لا تبعد سوى عشرات الكيلو مترات من عاصمتهم المزعومة؛ من أجل استعادة جنوده؟ 

التطبيع خيانة وهذا ما يجب أن يفهمه كل من يفكر في مد الجسور مع العدو الإسرائيلي  للحفاظ على حكمه، وليس على شعبه ومصالحه، لأن التطبيع يعني إلحاق الضرر الشديد بتلك الدول والشعوب، وهذا ما يجب أن يدركه كل من يسعى إلى طعن الشعب الفلسطيني في صدره، ولا أقول في ظهره، لأن الخيانة عينك عينك دون خجل، ثم على الجميع أن يفهم القضية الفلسطينية كما يحفظ الأبجدية العربية؛ فلسطين من البحر إلى النهر، وقضيتنا هي تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، ليس هناك أنصاف حلول إلا مرحليًا لا أكثر، فاتفاقية أوسلو باطلة، والمبادرة العربية للسلام باطلة أيضًا، ونحن مع إقامة دولة فلسطينية على حدود مؤقتة، وألا يكون هناك اعتراف بشرعية الاحتلال، والهدنة المؤقتة فقط تكون بين الفلسطينيين وعدوهم، أما الدول العربية فلا تقيم علاقات مع الاحتلال على الإطلاق، نحن لا نطالبها بتحرير فلسطين، ولكننا نرفض تطبيعها مع الاحتلال بحجة مساعدة الفلسطينيين، أو نصرة للقضية الفلسطينية.

صحيح أن الدول العربية تصوت مع قرارات في ظاهرها لصالح الشعب الفلسطيني، ولكن تبقى تلك حبيسة الأدراج، ولا ترى النور، وعلى أرض الواقع تتعاون كل دول التطبيع أمنيًا وسياسيًا لخدمة المحتل الإسرائيلي، وهل بقي شيء أكثر من تبني ما يسمى بالرواية الإسرائيلية، وتدريس المحرقة في المدارس الإماراتية، بل وبناء ما يسمى "حائط مبكى"؟ وهل بقي ما هو أسوأ من شجب المقاومة الفلسطينية، ووصفها بـ"الإرهاب"، بل وملاحقة الفلسطينيين في الدول العربية الشقيقة، واغتيالهم، وزجهم في السجون؟

اختم بالقول: إن ما صرح به السفير ماجد عبد الفتاح ما هو إلا شرعنة للتطبيع العربي مع الاحتلال، وما هو إلا دعوة لباقي الأنظمة إلى الالتحاق بركب المطبعين، تنفيذًا لرغبات بنيامين نتنياهو الذي أكد على أن بقعة عار التطبيع تتمدد، ولكن هذه الحالة الطارئة على الأمة العربية لن تدوم، وإذا كنا نعتقد جازمين بقرب نهاية الاحتلال، فما بالنا بمن هو أدنى منهم؟