عبّر وزراء خارجية عدة دول أوروبية لوزير خارجية الاحتلال ايلي كوهين عن قلقهم من أن تنفذ الحكومة الإسرائيلية خطوات أحادية الجانب تستهدف "حل الدولتين"، ومن هذه الخطوات توسيع البناء في المستوطنات، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الفلسطينية، وتغيير الوضع الموجود في المسجد الأقصى.
(إسرائيل) أكدت أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لا يمارسان أي ضغوط حقيقية تجاهها، وكل ما يقال مجرد "ضريبة كلامية" حسب وصفها لا قيمة لها على أرض الواقع، وهذا كلام صحيح، إذ إن الدول التي حذرت (إسرائيل) من تنفيذ خطوات أحادية الجانب أكدت في الاجتماع نفسه أهمية الموقف الإسرائيلي في الوقوف إلى جانب أوروبا ومساندتها في الحرب الروسية الأوكرانية لصالح الأخيرة، وهو الحدث الذي يحتل سلّم الأولويات لدى الأوروبيين، في حين ليس فيهم من يقلق لما يحدث في فلسطين ولا حتى في الوطن العربي بأسره، فالموقف الأوروبي فيما يتعلق بـ"حل الدولتين"، ومساندة الشعب الفلسطيني غير جاد، وقلقه كاذب حتى لو دغدغ به عواطف السلطة الفلسطينية، ووزير خارجيتها وممثلها في الأمم المتحدة.
في أثناء كتابة هذه السطور تعمل الجرافات الإسرائيلية في حي واد الحلوة في القدس على خلع الأشجار المثمرة، وتجريف قطعة أرض تسمى "الحمراء"، وموقف مركبات يخص الحي من أجل إحكام السيطرة على المنطقة ومنع سكانها الفلسطينيين من دخولها، أو استغلالها، وفي الأغوار الشمالية شرع مستوطنون في تسييج أراضٍ تمهيدًا للاستيلاء عليها، وفي حوارة يعربد المستوطنون في المدينة، ويمارسون البلطجة وسرقة المواد التموينية من التجار، وهذه الانتهاكات والجرائم تصغر أمام الجرائم الكبرى واليومية التي يمارسها جيش الاحتلال؛ كقتل الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية بدم بارد، أو تدنيس المقدسات الإسلامية في القدس، والخليل، والقائمة تطول.
لم يعد الكلام ينفع، ولا مناشدة الآخرين تدفع الأذى عن الفلسطينيين، هل نناشد جامعة الدول العربية ؟ فالإمارات على سبيل المثال مشغولة بتعديل منهاجها، لتتلاءم مع نهجها في التطبيع مع المحتل وآخرها تدريس أكذوبة المحرقة اليهودية، وهناك دول عربية أخرى لا تقل تعاونًا مع الاحتلال الإسرائيلي، والدبلوماسية الفلسطينية مشلولة ولا قدرة لها على تحريك أي قضية ضد الاحتلال وجرائمه، بل هي غير قادرة على محاسبة الذات في تجاوزات يقترفها بعض العاملين في السفارات الفلسطينية، وآخرها ما ورد من أخبار بشأن السفارة الفلسطينية في الباكستان وشبهة التجارة بالمنكرات.
نحن نرفض من الأساس "حل الدولتين"، ولا نرى الحلول في الكلام ومناشدة العرب والمجتمع الدولي، ولكننا على ثقة بأن الشعب الفلسطيني يملك الإرادة، والقدرة على الدفاع عن فلسطين والمقدسات فيها، وعن أمن المواطنين وأراضيهم، وعندما تتفجر الأوضاع ستصبح القضية الفلسطينية على رأس سُلم أولويات الاتحاد الأوروبي وأمريكا والمطبعين العرب، الذين سيهرعون عندما يعلو صراخ الاحتلال، وسيلهثون لإعادة الاستقرار في المنطقة وعودة الحياة الطبيعية إلى المدن الإسرائيلية و"غلاف غزة".