فلسطين أون لاين

استجاب بعضهم لـ"وهم العفو" فكان الغدر مصيرهم

تقرير كم مطاردًا للاحتلال معتقلًا في سجون السلطة؟

...
رام الله-غزة/ أدهم الشريف:

رغم ما تثيره جرائم الاعتقال السياسي في الضفة الغربية من رفض وتنديد شعبي وحقوقي، تواصل أجهزة أمن السلطة اعتقال مقاومين مطاردين، بدلًا من إطلاق سراحهم وحمايتهم من بطش الاحتلال الإسرائيلي.

ويكرر أمن السلطة منذ سنوات طويلة هذا المشهد الذي يطال من يقول عنهم الاحتلال إن "أياديهم ملطخة بالدماء"، بسبب مشاركتهم في عمليات بطولية أدت إلى مقتل مستوطنين أو جنود في جيشه.

اقرأ أيضاً: "الباب الدوار".. سياسة السلطة والاحتلال في ملاحقة المقاومين بالضفة

واستهدفت الاعتقالات مقاومين من أجنحة عسكرية مختلفة، من بينها كتائب شهداء الأقصى (الذراع العسكري لحركة فتح قبل حلّه من السلطة والحركة).

وحسبما أفاد مصدر مقرب من أجهزة أمن السلطة، في حديث لصحيفة "فلسطين"، فإن عدد المطاردين للاحتلال المعتقلين في سجون السلطة بلغ بحلول نهاية 2022 أكثر من 20 معتقلا، منهم من مضى على اعتقاله ما يزيد عن 10 سنوات.

وبيَّن المصدر، الذي فضَّل التحفظ على هويته، أن عدد المطاردين المعتقلين بحلول نهاية 2021، بلغ 11 مطاردًا بينما تضاعف هذا الرقم في السنة التالية.

عروض مغرية

وأكد المصدر أن مطاردين معتقلين حاليا تلقى غالبيتهم عروضا، مقابل "احتجازهم احترازيا" لدى السلطة عبر اتفاق تسوية في عام 2008 يقضي بتسليم أنفسهم وسلاحهم، مقابل تحصيل ما يسمى "عفو إسرائيلي" والإفراج عنهم وضمان سلامتهم، على حد زعم الاتفاق.

لكن ما حصل مع هؤلاء كان على النقيض تمامًا، فقد تعرض المطارد جاد حميدان، المعتقل بسجن "الجنيد" للغدر، بعدما سلم نفسه لأجهزة أمن السلطة مقابل تلك التسوية المزعومة، لكن ذلك لم يتحقق حتى اليوم.

ووجّه حميدان العديد من المناشدات والرسائل لإطلاق سراحه، وقال في إحدى رسائله: "أريد حلًا لقضيتي ولن أصبر أكثر أو أنتظر وعودًا".

وبحسب تقرير أعده موقع "الجزيرة نت" فإن حميدان (46 عامًا) ظل ملفه طيلة فترة اعتقاله مغلقًا ولم يُفتح للتباحث ومعرفة مصيره.

وكان الاحتلال قد اعتقل حميدان المنتمي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهو بعمر 15 عامًا خلال انتفاضة الحجارة، واعتقله إداريًّا في 2002 سنةً كاملة، وبعدها طارده 6 سنوات وقتل شقيقه محمد خلال محاولات اعتقاله.

وبينما لم ينل حميدان حريته من سجون السلطة، حصل آخرون عبر صفقات وجهود قانونية استمرت سنوات حريتهم، ومنهم هادي دعدرة، أحد مقاتلي كتائب شهداء الأقصى، وينحدر من مخيم العزة بمدينة بيت لحم.

وبيَّن المصدر أن دعدرة في نهاية العقد الرابع من عمره، تحرّر من سجون السلطة ضمن صفقة دفعت عائلته مقابلها 50 ألف شيقل وبتدخل محامٍ إسرائيلي كانت قد لجأت إليه العائلة وأوكلت إليه قضية نجلها.

اقرأ أيضاً: أحد ضحايا سياسة (الباب الدوار).. استقبال حافل في رام الله للمحرر "أحمد تركمان"

واحتجز أمن السلطة دعدرة في 3 مارس/ آذار 2012، واستمر اعتقاله أكثر من 10 سنوات متواصلة إلى حين الإفراج عنه قبل خمسة أشهر ضمن الصفقة التي تضمنت بنودها عدم تحمّل السلطة أي مسؤولية عن حياته في حال استهدافه من جيش الاحتلال، وهذا ما يثير حالة من القلق الدائم لدى عائلته.

وذكر المصدر أيضًا أن دعدرة قضى 17 سنة من عمره أسيرًا في سجون الاحتلال وأجهزة أمن السلطة.

ومن أصدقائه المقربين الذين تعرّضوا للاعتقال في سجون السلطة، العضو في كتائب شهداء الأقصى محمد رمضان، الذي قضى سنوات طويلة في سجون السلطة، وأفرجت عنه تحت ما يسمى بند "العفو"، لكن قوات الاحتلال اعتقلته مباشرة وزجّت به في سجونها، في إطار ما يعرف فلسطينيًّا بسياسة "الباب الدوار".

ومن بين المطاردين المعتقلين في سجون السلطة، عمار طه وعلي دنديش، اللذان نفذا عملية فدائية عام 2007، وينحدران من الخليل، إضافة إلى 3 مطاردين معتقلين لدى استخبارات السلطة، ويتهمهم الاحتلال بتنفيذ عملية فدائية وقتل مستوطن إسرائيلي.

تصاعد الاعتقال

ونبَّه المصدر إلى أن عام 2022 شهد تصاعدًا كبيرًا في ملاحقة أمن السلطة المطاردين واستهدافهم تزامنًا وتصاعد عمليات المقاومة بالضفة الغربية.

وقد طالت اعتقالات السلطة مصعب اشتية القائد في مجموعة "عرين الأسود" في نابلس، ورفيقه عميد اطبيلة، يوم 19 سبتمبر/ أيلول 2022.

ويعد اشتية (30 عامًا) في نظر الاحتلال "المطارد الأخطر"، وهو رفيق قائد كتائب الأقصى بنابلس الشهيد إبراهيم النابلسي، وغيره من شهداء "عرين الأسود" التي قضى عددٌ من قادتها وكوادرها في جرائم اغتيال أو في أثناء تصديهم لاقتحامات جيش الاحتلال.

وشهدت الحالة الصحية للمعتقل اشتية في الأيام الماضية تراجعًا كبيرًا، وقد لجأ إلى الإضراب عن الطعام بسبب إصرار الأجهزة الأمنية على اعتقاله رغم قرار محكمة السلطة بالإفراج عنه.

وبيّن المصدر أن عناصر وقادة "عرين الأسود" وغيرها من مجموعات المقاومة في مدن ومحافظات الضفة الغربية رفضوا عروضًا وإغراءات كبيرة لم تقدّم من قبل، تحاول السلطة إقناعهم بها ضمن مساعيها المتعددة لإنهاء الحالة الثورية بالضفة.

اقرأ أيضاً: تقرير "الباب الدوار".. سياسة السلطة و(إسرائيل) لقمع الضفة

وشملت عروض السلطة بحسب المصدر ذاته، تحصيل ما يسمى "عفوًا" من الاحتلال، ووظيفة في أجهزة أمنها، وسيارة وشقة فاخرة، ومبلغًا ماليًّا يصل إلى 70 ألف شيقل لكل شخص، لكن مجموعات المقاومة ومنها "عرين الأسود" لم تلقِ بالًا لذلك.

وفي 7 ديسمبر/ كانون الأول 2022، اعتقلت أجهزة أمن السلطة الجريح براء ازحيمان، أحد مقاتلي "عرين الأسود" خلال علاجه في المستشفى العربي التخصصي بنابلس، في إثر إصابته برصاص قوات الاحتلال.

وكانت قوة من جهاز الأمن الوقائي اعتقلت في 22 ديسمبر الماضي المطارد للاحتلال موسى عطا الله، خلال رباطه بالبلدة القديمة في نابلس، تحسبًا لأي اقتحام لقوات الاحتلال.