رفعت البنوك العاملة في فلسطين أسعار الفائدة على القروض، بنسب تصل إلى 4% زيادة على سعر الفائدة الأصلي والمتعاقد عليه، سلطة النقد تدرس استخدام أدوات للحد من تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على القروض، وذلك عبر آليَّتين اثنتين كما قال محافظ سلطة النقد فراس ملحم: الأولى التأكد من التزام البنوك بحد أقصى لقيمة القسط لا تزيد عن الـ50% من الدخل، والثانية عن طريق زيادة الإقراض عبر صندوق تابع لسلطة النقد بفائدة منخفضة لا تتجاوز الـ3%.
قبل كل شيء لا بد من التوضيح أن "الفائدة" هي الربا بعينه إن لم تكن المعاملات وفق الشريعة الإسلامية كما يجري الأمر عبر البنوك الإسلامية، قد يقول البعض إنه لا فرق بين بنوك إسلامية وغيرها، ولكننا نقول إن البنوك التي تعمل وفق الأسس الإسلامية لا تشبه الأخرى، والبيع ليس كالربا، كما أن الزواج ليس مثل الزنا، وهذا ليس موضوعنا.
قبل سنوات حذرنا من سياسية رئيس الوزراء السابق سلام فياض، الذي فتح الباب على مصراعيه للقروض والمعاملات الربوية، من أجل إلهاء الناس بترف مصطنع وزائف، وإحكام السيطرة عليهم بالتزامات مالية، حتى يظلوا مشغولين بهمومهم بعيدًا عن السياسة، ولذلك نرى أن أعدادًا كثيرة وقعت في فخ القروض، والآن بدأنا نسمع صراخها احتجاجًا على رفع " الفائدة "، تأثرًا بالأوضاع الاقتصادية العالمية.
القروض البنكية مهلكة للمجتمع الفلسطيني، وخاصة أن غالبيتها تُخصص لشراء ما لا يلزم من سيارات حديثة، وأجهزة كهربائية، وغير ذلك من كماليات، والقروض انعكست سلبيًا على كمية السيولة المالية في السوق الفلسطيني، إذ يذهب القسم الأكبر من دخل الموظفين وغيرهم إلى شركات تضع أموالها في بنوك خارج فلسطين، من أجل تحقيق مكاسب مالية أكبر إذ إن تلك البنوك تقدم فوائد ربوية أكثر مما تقدمه البنوك الربوية الفلسطينية.
عندما توقف الدعم المالي الخارجي سواء العربي أو الأجنبي عن الشعب الفلسطيني وعن السلطة، اعتمدت السلطة على الجمارك، والضرائب، وغير ذلك من الرسوم القديمة، أو المستحدثة، لتغطية موازنتها، أي أنها تعتمد في ميزانيتها على جيوب المواطنين حرفيًا، ولهذا فإن حالة الفقر في المجتمع الفلسطيني تزداد سنة بعد أخرى، ولا يمكن أن يستمر اعتماد السلطة على الشعب، لأنه أصبح على حافة الإفلاس.
الأزمة الاقتصادية العالمية تركت آثارها على جميع الدول دون استثناء، والدول الضعيفة اقتصاديًا تنهار وتعلن إفلاسها، أما الدول القوية المنتجة فإنها تصمد على الرغم من تأثرها، والمناطق الفلسطينية كما قلنا سابقًا ليس لديها اقتصاد دولة، لأنها ليست دولة، ورفع البنوك نسبة الفائدة قرابة الـ4% زيادة على النسبة الأصلية، فهذا يعني أننا أمام مرحلة صعبة جدًا، ومعاناة شديدة، وتحتاج إلى حلول عاجلة قبل تطورها، وتأثر المجتمع الفلسطيني أكمله بها، أما الحلول المقترحة من سلطة النقد، لن تمنع حدوث الانهيار أو حتى تأجيله.