تتجلى في الوقت الحالي قمة المعركة بين الحق والباطل؛ بين باطل متمثل باحتلال يقوده "نتنياهو"، والذي تلاحقه جرائم الفساد، والمتوقع أن تطيح به، وحق متمثل؛ بشعب فلسطيني يقاوم؛ لأجل كرامته وحريته وعزته؛ كبقية شعوب الأرض قاطبة.
لن يتوقف الصراع بين الحق والباطل؛ حتى قيام الساعة، حيث يتفنن الباطل خلال المعركة الطويلة والشاقة؛ بالحرب النفسية، وباختلاق الأكاذيب ونسج القصص وفبركتها، بما يتماشى مع معركته ضد الحق ورواده؛ وفي كل المجتمعات بغض النظر عن مكوناتها؛ ومن ظن أن الباطل سيبقى منتصرا للنهاية؛ فقد خان الله ورسوله؛ وأساء الأدب مع الله؛ لأن الله تعالى وعد بنصر الحق وأصحابه، بصريح القول: (وكان حقًا علينا نصر المؤمنين).
في الغرب لقيت رواجا كبيرا قصة كسارة البندق؛ ذات العمل الكلاسيكي، وتحولت لأشكال أخرى مثل رقص الباليه والموسيقا، وغيرها من الأشكال الفنية؛ قصة أوجزت وأوضحت بشكل جلي وبين صورة الصراع ومكوناته وأدواته على تواضعها.
كسارة البندق ترينا كيف الصراع يكون لينتصر في نهايته الحق؛ كون الحق لا يهزم أبدًا، حتى وإن كان حلما جميلا ينتهي مع الصباح، فالأحلام تتحقق بعزم الإرادة والتصميم والمثابرة والتخطيط السليم.
في الغرب قاوموا الاحتلال وجعلوه عملا بطوليا خالدا وشرعنوه، كما حصل من مقاومة أمريكا لبريطانيا، وكما حصل من مقاومة فرنسا للاحتلال الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، حتى أن الثوار الفرنسيين قتلوا بشكل عنيف كل من تعامل مع هتلر؛ فلماذا يستكثرون على الشعب الفلسطيني؛ مقاومته لمحتليه ومغتصبيه؟
لماذا ينظر الغرب لأعمال المقاومة ضد الاحتلال أنها إرهاب؟ مع أنهم هم قاوموا كل محتل لأراضيهم؛ هل الضعف والعجز العربي هو الذي يدفعهم لذلك! أم أخطاء تكتيكية وقعت فيها المقاومة خلال تنفيذها لعملياتها؟ أم أن الأمر يتعلق بموازين القوى، وحسن استخدام القوة في الوقت والزمان المناسبين؟
قصص البطولة يمجدها الغرب؛ ولكن عندما تكون قصص البطولة واضحة وضوح شمس حزيران في شعب يقاوم محتليه؛ فإنها تصبح قصص إرهابية؛ تجرم وتلاحق، ولا يعترف بها الغرب صاحب الحضارة الإنسانية الرحيمة والعظيمة!
لم يأتِ الشعب الفلسطيني من مختلف أصقاع الأرض ليحتل شعبا آخر ويطرده من أرضه، ويمزقه شر ممزق؛ فالذي أتى من أصقاع الأرض هم يهود اعتنقوا فكر الصهيونية، واغتصبوا أرض الشعب الفلسطيني، وأقاموا دولتهم التي انتهى دور الشباب فيها، وأتى دور الكهولة والموت؛ حيث أخذت تتمدد في بدايتها عام 48 وعام 67؛ إلى أن أخذت تتراجع، كم حصل في تراجعها عن جنوب لبنان وقطاع غزة.
إن كانت قصة كسارة البندق قد انتصرت فيها الأحلام الجميلة وعاشت لفترة تنعم بأحلامها؛ فان النفاق الغربي المتمثل؛ بأحقيته في الأحلام الجميلة وممارسة حريته؛ دون غيره من الشعوب، يفضحه منطق الأشياء؛ فالحرية والأحلام الجميلة وبناء غد مشرق حر ومتنور؛ هو من حق كل فرد وشعب في هذا العالم؛ وليس حكرًا على الحضارة الغربية المنافقة، التي أنجبت أشر مولود في التاريخ وهو (إسرائيل).