فلسطين أون لاين

الوحدة ردًا على العقوبات

ما زالت الردود الفلسطينية على قرار (إسرائيل) فرض عقوبات على شعبنا مستمرة، منها ما قاله السيد عباس زكي عضو مركزية فتح، الذي طالب بضرورة الإسراع لتحقيق الوحدة الوطنية للرد على العقوبات الإسرائيلية، مضيفًا أنه من غير المقبول من الآن وصاعدًا أن تكون هناك دولة في غزة ودولة في الضفة الغربية، فالوحدة أفضل للمصالح العليا للشعب الفلسطيني. 

نحن نؤيد ما ذهب إليه عباس زكي من المطالبة بتحقيق الوحدة الوطنية، لكننا لا نرى وجود دولتين في غزة والضفة بل لا نرى وجود أي دولة فلسطينية، وإنما سلطة فلسطينية مسلوبة السيادة والقرار وحرية العمل في الضفة الغربية، وجزء من الشعب الفلسطيني محاصر في قطاع غزة تديره قوى فلسطينية كأمر مفروض عليها، ولكن السؤال الأهم من الذي يمنع وحدة الشعب الفلسطيني وإنجاز المصالحة؟ المطالبة بالوحدة أمر جيد إذا كانت الإرادة موجودة، ولكن المطالبة بالوحدة في المناسبات ومجرد شعارات فهو أمر غير مناسب.

وتوضيحًا للأسباب التي تعطل الوحدة الوطنية أقول إن الحكاية بدأت مع فوز حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي الذي سنصل إلى ذكراه الـ17 بعد أيام من هذا الشهر، وبعد فوز حماس والانقسام الداخلي سعت دولة الاحتلال إلى القضاء على وجود حماس وشعبيتها وشارك في تلك الحملة دول عربية وغربية وكانت منظمة التحرير تؤجل التصالح مع حماس على أمل أن يتغير الواقع. فشلت المؤامرة في القضاء على حماس، وبدأت الجهود الحثيثة للمصالحة، التي كانت تصطدم باشتراطات منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها الاعتراف بالاتفاقات التي وقعتها المنظمة مع الاحتلال وعلى شروط الرباعية الدولية وهي باختصار تعني الاعتراف بشرعية (إسرائيل) ونبذ " المقاومة"، وحينها كان المانع هو عدم إمكانية التقاء برنامجين سياسيين متناقضين، ومع مرور الوقت قويت شوكة حماس في غزة، وأصبحت قوة لا يستهان بها، فلا يمكن تركها تمضي على هذا النحو في تثبيت نفسها وتطوير قدراتها العسكرية، فكانت هناك اتفاقات تتجاوز اعتراف حماس بشرعية الاحتلال وتدمير أسلحتها، ومع ذلك لم تنجح الجهود في إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني، وعلى الرغم من أن حماس قدّمت تنازلات كثيرة حتى أنها قبلت بالذهاب الى انتخابات رئاسية وتشريعية دون تطبيق أي بند من اتفاقية القاهرة وما تفرع عنها من اتفاقات وإعلانات، ومع ذلك ألغيت الانتخابات في اللحظات الاخيرة لأن أسبابًا جديدة قد طرأت على الساحة الفلسطينية ومنها وضع حركة فتح الداخلي، ولو كانت فتح كما هي مع بداية الانقسام لدخلت الانتخابات بكل راحة واطمئنان، ولكنها وجدت أن لديها تحديات داخلية أكثر صعوبة من تحدياتها مع حركة حماس، وظهر ذلك بكثرة القوائم الانتخابية التي نزلت من جانب الإخوة في حركة فتح ، منها قائمة تتبع لرئيس السلطة، وأخرى تتبع لمعارضيه مثل دحلان والبرغوثي والقدوة، ويكون تأجيل الانتخابات أو المصالحة هذه المرة ليس بسبب اختلاف البرامج السياسية بين الفصائل، ولا بسبب حماس، بل لأسباب مختلفة كليًّا لا يمكن تجاوزها إلا بعد ترتيب الصف الفتحاوي وهو أمر مستبعد حاليًا على الأقل. 

أعتقد لو أن حماس وافقت على تشكيل حكومة وحدة تعترف بـ(إسرائيل) وهي بكل تأكيد لن تفعلها، ولو أن (إسرائيل) وافقت على إجراء الانتخابات في القدس، فلن تكون هناك انتخابات، ولن تكون هناك مصالحة لأن أي انتخابات جديدة ستهدم كل الترتيبات الأخيرة التي حصلت في منظمة التحرير ولجانها وداخل السلطة الفلسطينية وستختفي قيادات وستبرز أخرى وهذا لا يروق لأصحاب القرار، لذلك يبقى التصور الأخير للمصالحة هو تشكيل حكومة ومجلس تشريعي ومجلس وطني بالتوافق دون إجراء أي انتخابات بحيث تحتفظ القيادة الحالية لمنظمة التحرير بالمناصب التي تختارها، فالتغيير الذي يحدث على الأرض وداخل الشارع الفلسطيني ، قد يدفعنا إلى هذا السيناريو أو قد ينتج واقعًا جديدًا لم يخطر على بال أي فلسطيني.