حين أُجِّلت زيارة نتنياهو للإمارات بسبب اقتحام بن غفير للأقصى، شعرنا برضًا عن موقف الإمارات، وقلنا: الدم لا يصير ماء، وقلنا: الأقصى لنا وللإمارات ولكل العواصم الإسلامية والشعوب الإسلامية، والدفاع عنه ضد الاقتحامات والتدنيس ومحاولات التقسيم أمر يجدر أن يشترك فيه جميع القادة، وجميع الشعوب الإسلامية.
قالوا لنا: الزيارة لم تلغَ، بل أُجِّلت، وهي ستقع غدًا أو بعد غد! قلنا: ما لا يُدرك كله لا يترك جُله، وعلينا نحن الفلسطينيين أن نشجع الأعمال الإيجابية وإن قلَّت، فالنقد والتجريح يخدم العدو، ولا يخدمنا، ونحن نبحث عن المساحات المشتركة بيننا وبين أشقائنا، وبيننا وبين دول العالم الحر، حتى ولو كان المشترك كلمة، أو موقفًا في الأمم المتحدة.
بعد هذا الموقف الإيجابي جاء موقف سلبي أفرح من بكَّتنا حين رحَّبنا بتعليق زيارة نتنياهو، إذ عقد (منتدى النقب) لقاء له في الإمارات، حضره ممثلون عن حكومة نتنياهو، إضافة إلى شركاء في اتفاق أبراهام، إضافة إلى مصر، للإعداد للقاء السنوي في المغرب!
وكما رحبنا بالحدث الأول، ننتقد الحدث الثاني، ونقول إنه يخدم حكومة نتنياهو-بن غفير، ويشجع بن غفير على مواصلة اقتحام المسجد الأقصى. وإن لم يقصد الطرف الإماراتي التشجيع، فإن هذا ما سيفهمه بن غفير وحكومة نتنياهو، وعليه فالأقصى هو الخاسر في النهاية.
نعم، ثَم ما يقلق في السياسة العربية الخارجية، وثَم أمور تجري في الغرف المغلقة، وثَم اختراق إسرائيلي أمريكي لسياسة العواصم العربية، ونحن فلسطينيًّا لا نستطيع الذهاب إلى نقطة الصفر، إما أسود، وإما أبيض، وجلّ الوقت والفلسطيني مضطر إلى اللعب في المنطقة الرمادية، لأن الحدية مع الأنظمة العربية مكلفة، وضارة بنا، لذا ندعو لهم بالهداية، ونذكِّرهم بالواجبات، وبالإسلام والعروبة، ونقبل منهم الموجب من السياسة وإن قل نفعه، أو كثر. ورجاؤنا أن يحملوا الأقصى معنا، لأن هذا من أوجب الواجبات، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.