بدأ الوزير “الإسرائيلي” في حكومة المستوطنين العنصرية إيتمار بن غفير من تيار الصهيونية الدينية ورئيس حزب (القوة اليهودية)، تصعيده باقتحام المسجد الأقصى في الساعات الأولى من صباح يوم الثاني من كانون الثاني/ يناير 2023، أي بعد يومٍ واحد من انعقاد أول اجتماع لحكومة الاحتلال الجديدة بقيادة بنيامين نتنياهو، فبدت جريمة الاقتحام كأنها ترسم معالم العام الجديد “إسرائيليًّا” ضد الفلسطينيين، تصعيدًا، وتوتيرًا، ونهبًا للأرض، على الرغم من اعتقاد البعض بأن جريمة اقتحام قبل إيتمار بن غفير الأقصى ليست سوى حركة ذات طابع استعراضي أمام جمهور تيار “الصهيونية الدينية”، إلَّا أن دعم وإسناد الاقتحام من المؤسَّستَين السياسية والأمنية، واندراجها في إطار برنامج أحزاب حكومة ائتلاف نتنياهو، يُنبئان بأنها قد تتكرَّر وتجرُّ معها خطوات تصعيدية إلى حدود الانفجار، فهي عملية “تصبُّ الزيت على النار”.
ويُعدُّ الاقتحام الذي باشره إيتمار بن غفير أبرز اقتحام من جانب شخصية “حكومية إسرائيلية” للأقصى منذ عشرين عامًا، بعد تلك العملية الاقتحامية لباحات الأقصى التي قام بها الجنرال ورئيس الحكومة السابق أرئيل شارون وعدد كبير من تيار حزبه في حينها، وأشعلت شرارات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الثانية صيف عام 2000.
والخطير في الأمر أن جرائم الاقتحام قد تكرر، وتصبح رسمية ومعلنة وصريحة، في سياق إحياء المشروع القديم/ الجديد، للتقسيم الزماني والمكاني، من خلال زيادة عدد الدقائق المسموح للمستوطِنين خلالها باستباحة الأقصى، وعدد من الأماكن والبوَّابات التي يُتاح لهم الدخول منها وإليها.
وعليه، إن ما قام به إيتمار بن غفير، بعد أول اجتماع للحكومة الجديدة، يحمل معه مؤشِّرات حقيقية إلى نيات حكومة اليمين واليمين الفاشي (والثيوقراط) بشأن الأقصى والسعي لتهويده، وذلك بالتنسيق مع ما تُسمى جمعيات "الهيكل" المزعوم، التي وفّرت الدعم لقادة “الصهيونية الدينية” في الانتخابات التشريعية الخامسة الأخيرة للكنيست.
إن حكومة الاحتلال تُشكِّل خطرًا غير مسبوق على المسجد الأقصى المبارك وعموم المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس ومحيطها. فالحكومة الجديدة وضعت العديد من القضايا والعناوين المهمة تحت قبضة ويد وزير أهوج وأحمق بمسمى وزير “الأمن القومي” إيتمار بن غفير، التلميذ المباشر للحاخام المتطرف (مائير كاهانا) الذي قتل منذ سنوات طويلة في نيويورك.
كما وضعت ما تُسمى "الإدارة المدنية" في الضفَّة الغربية بيد المتطرف الآخر المستوطن في الجولان السوري المحتل (بتسلئيل سموتريتش) الذي يتبنى مقولة ضمِّ الضفة الغربية بالكامل. كما حملت الاتفاقات الائتلافية التي أنتجت الحكومة إياها، مقترحات لعدَّة قوانين، مثل قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، وقانون تعزيز الاستيطان (بالمعنى الأدق: التهويد، تهويد الأرض الفلسطينية).. إلخ. إن الائتلاف الحكومي الجديد، بأحزابه، وشخوصه وتركيبته، مصمم على اعتبار عام 2023 هو عام التهويد. فقد تولت (أوريت ستروك)، وهي الشخص الثاني في قائمة الصهيونية الدينية، منصب وزير الاستيطان والتهويد، وهو المنصب الذي سيجعل من ستروك الحاكم الفعلي للضفة الغربية. بل إن تولي ستروك هذا المنصب قد يمنح العديد من مؤسسات ومنظمات وجمعيات اليمين الاستيطاني صلاحيات واسعة في صياغة مصير الضفة الغربية والمشروع الاستيطاني.