قلنا إن من الخطوط العريضة التي تقوم عليها سياسة حكومة نتنياهو بن غفير: التطبيع مع المملكة العربية السعودية، من ناحية، ومواجهة النووي الإيراني من ناحية أخرى. وقلنا في القضية الأولى إن المملكة لن تذهب نحو التطبيع قريبًا لأسباب كثيرة ترتبط بمصالح المملكة، وقيادتها العالم السني، وطرحها المبادرة العربية، ويمكن إضافة سبب آخر لم يذكر في المقال السابق، وهو أن الغالبية العظمى من سكان المملكة والبلاد العربية الأخرى يرفضون التطبيع، وجل السكان في الإمارات، والبحرين، ومصر والأردن والسودان لا يتفاعلون مع التطبيع البتة.
أما ما يتعلق بالنووي الإيراني، فإيران ما زالت بعيدة عن القنبلة النووية، وهذا ما يؤكده قادة جيش الاحتلال في تصريحاتهم، والحكومة تعلم ذلك، ولكن الحكومة ترى في مواجهة الملف الإيراني فرصة جيدة لابتزاز الخليج، بل وابتزاز الدول الغربية وأمريكا، لإقامة تحالف يعمل ضد إيران، والعمل ضد إيران لا يقصد فيما يبدو لذاته، بل لصرف اهتمام العرب والعالم عن القضية الفلسطينية، وإشغال الجميع بتهديد آخر، وإخافة دول الخليج، ومن ثَم تشجيع التطبيع.
يبدو أن الحرب في أوكرانيا قد وفرت فرصة جيدة لدولة الاحتلال للتحريض ضد إيران، بإظهار إيران داعمًا عسكريًّا مباشرًا لروسيا، بتعظيم خطر المسيرات الإيرانية، والصواريخ الإيرانية، على حين صادرات إيران من السلاح لروسيا محدودة، وروسيا تحتاج إليها لا لقلب موازين القوة، بل لإشراك إيران في تحالف مع روسيا ضد دول الغرب وأمريكا. أي إن روسيا تهدف إلى أبعاد إستراتيجية، لا عسكرية.
(إسرائيل) تهدد بضربة لإيران، ولكنها في الوقت نفسه لا تؤمن بها، وتخاف من الفشل، ومن التداعيات أيضًا، لذا فهي بحاجة إلى تحالف أوسع، وبحاجة إلى قواعد انطلاق قريبة من إيران. إن ضربة عسكرية مباغتة لإيران في هذه الأيام في ظل الحرب في أوكرانيا تعني الاقتراب أكثر من الحرب العالمية الثالثة، وهذا أمر غير مطلوب عالميًّا الآن. لذا ستعمل دولة الاحتلال على الاستفادة من هذه الورقة الإيرانية باستخدام سياسة الابتزاز، لا العمل العسكري المباشر. دولة الاحتلال تعرف ما تريده، والمؤسف أن الدول العربية المستهدفة إسرائيليًّا لا تعرف ما تريده، ولا تعرف ما تريده حكومة الاحتلال في هذا الملف؟