فلسطين أون لاين

تقرير الحصار وعقوبات السلطة يُعمِّقان "التكييش" في غزة والاقتصاد تحظره

...
صورة أرشيفية
غزة/ رامي رمانة:

تسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 16 عامًا، وعقوبات السلطة المفروضة منذ 2017، في نقص السيولة النقدية التي تمخض عنها "التكييش"، وتحظر وزارة الاقتصاد ذلك بسبب التداعيات السلبية على أركان الاقتصاد.

ويُعرف "التكييش" قيام البائع -بالتقسيط- بشراء الشيء المُباع في نفس الوقت، مباشرة أو عبر جهة تابعة له بثمن أقل من قيمتها الحقيقية.

كأن يشتري الشخص على سبيل المثال من بائعٍ غسالة بسعر (3) آلاف شيقل بالتقسيط، ثم يقوم البائع بشرائها من المشتري نقدًا بسعر أقل من الذي باعه فيه، مستغلًا حاجة المشتري للسيولة النقدية.

يهدف الشخص المشتري من ذلك إلى الحصول على سيولة نقدية، لسداد التزامات مالية عليه، كتسديد رسوم دراسية، أو ديون بقالة، أو إيجار منزل، وغير ذلك.

يقول المواطن (نعمان) الذي فضَّل ذكر اسمه الأول: إنه اضطر إلى شراء مركبة من أحد المعارض في قطاع غزة بالتقسيط بسعر (17) ألف دولار، ومن ثم باعها إلى معرض تجاري آخر بسعر نحو (14.5) ألف دولار.

وأشار إلى أنه رغب في الحصول على السيولة النقدية لاستئناف بناء منزله.

اقرأ أيضًا: النخالة: "التكييش" وأزمة الرواتب تضربان تجارة السيارات في غزة

وزارة الاقتصاد الوطني تنبَّهت إلى "التكييش"، وأصدرت قرارًا بحظر التعامل به، لأبعاده الاقتصادية السلبية على الفرد والمجتمع.

وقال المدير العام للشؤون القانونية في وزارة الاقتصاد الوطني، يعقوب الغندور: "أصدرت وزارة الاقتصاد مؤخرًا قرارًا يحمل رقم 64 لسنة 2022، يحظر ما يعرف بالتكييش، والإعلان أو الترويج له".

وأوضح الغندور لصحيفة "فلسطين" ورود شكاوى عديدة من مواطنين تعرضوا لابتزاز بائعي التكييش، مستغلين حاجتهم الماسة إلى السيولة النقدية.

وحذَّر الغندور في هذا الصدد البائعين المستغلين لأوضاع المواطنين والموظفين من التعامل بـ "التكييش"، بأن الوزارة ستُحيلهم إلى نيابة جرائم الأموال، لاتخاذ المقتضى القانوني، وإغلاق مراكز البيع، ومصادرة بضائعهم.

وبيَّن الغندور أن عملية البيع بالتقسيط يسمح بها، ولكن بطريقة منظمة، إذ يجب على من يُزاولها أن يمسك سجلًا خاصًا لقيد هذه العمليات، وفقًا للنموذج الذي تقرره الوزارة، وأن يمسك حسابًا منتظمًا بالإيرادات والمصروفات التي تتعلق بهذه العمليات، ويجب مراجعة هذا الحساب سنويًا بمعرفة محاسب مقيد في سجل المحاسبين القانونين.

وحسب مراقبين اقتصاديين، فإن "التكييش" يدل على وجود خلل في اقتصاد الدولة، وأن استمراره دون علاج تنجم عنه نتائج سلبية جدًا على بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى.

وأكد الاختصاصي الاقتصادي أحمد أبو قمر، أن بروز "التكييش" دلالة على وجود خلل في الاقتصاد، وأنه لا بد من تضافر الجهود المشتركة للتصدي له قبل أن يتحول إلى ظاهرة.

وبين أبو قمر لصحيفة "فلسطين" أن التكييش يظهر عند عدم توافر ملاءة مالية للفرد، وهنا يبحث عن وسيلة ليحصل منها على السيولة النقدية.

وأضاف أن "التكييش" لم يعد يقتصر على أفراد وحسب، بل تمارسه شركات لا تتوافر لديها سيولة مالية كافية للدخول في صفقات تجارية، أو تنفيذ برامج، أو تسديد ديون عليها.

وأرجع الاختصاصي أبو قمر أبرز أسباب التكييش، إلى الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 16 عامًا، وإلى عقوبات السلطة الفلسطينية المفروضة على قطاع غزة منذ 2007.

وقال الاختصاصي:" إن الحصار الإسرائيلي تسبب في تراجع عجلة الاقتصاد ونقص السيولة النقدية، وتسبب في تجفيف المنابع المالية، وساهم أيضًا في إعجاز الحكومة بغزة عن توفير معروض نقدي كافٍ.

وأضاف:" كما أن السلطة حين فرضت عقوباتها على قطاع غزة كانت صدمة اقتصادية مفاجئة، تسببت في قطع رواتب موظفين، وإحالة آخرين إلى التقاعد المبكر، ما نجم عن ذلك كله نقص السيولة النقدية المتوافرة".

وأشار إلى أنه نتيجة ذلك كله رفضت بعض البنوك تقديم تسهيلات ائتمانية للموظفين، وأخرى قلصت من حجم التسهيلات، ما شجع التوجه نحو التكييش.