فلسطين أون لاين

تقرير نيران المستوطنين كادت تستنسخ جريمة حرق عائلة "دوابشة"

...
نابلس-غزة/ يحيى اليعقوبي:

استيقظ المواطن أحمد الهندي وأطفاله يرتعدون من الخوف، على وقع أصوات تكسير زجاج منزلهم الواقع على أطراف قرية "بورين" جنوب مدينة نابلس بعد منتصف ليلة الاثنين، في إثر حجارة ألقاها نحو 30 مستوطنًا تسللوا في جنح الظلام بحماية من جيش الاحتلال.

فزع سكان البيت خشية احتراق مأواهم بكل ما فيه، بعدما فرغ المستوطنون من إضرام النار في باص وسيارتين يملكهما الوالد.

اقرأ أيضاً: تقرير 7 سنوات على جريمة إحراق عائلة "دوابشة" والمجرمون "طُلقاء"

فالمستوطنون كادوا يكررون جريمة حرق عائلة "دوابشة" في قرية "دوما" جنوبي نابلس في 31 يوليو/ تموز 2015م بالطريقة نفسها، عندما كان أفراد العائلة نيامًا، ما أدى لاستشهاد الوالد سعد دوابشة، وزوجته ريهام، وطفلهما الرضيع علي (18 شهرًا)، وإصابة شقيقه أحمد الذي كان في الرابعة من عمره، ونجا بحروقه التي بقيت شاهدةً على الجريمة.

وحمل المستوطنون أدوات الحرق كافة، لكن تدخل أهالي القرية في آخر اللحظات كان سببًا مباشرًا في نجاة العائلة، وطرد المستوطنين الذين حاولوا الاستفراد بهم.

تفاصيل مرعبة

الصدمة لا تفارق صوت أحمد الهندي (37 عامًا) وهو يروي تفاصيل ما جرى لصحيفة "فلسطين" قائلًا: "كنت أرتدي ملابسي وأهمّ بالخروج من المنزل الساعة الواحدة فجرًا؛ لنقل العمال من محافظة قلقيلية بالباص الذي يعد مصدر رزقنا الوحيد، لكني سمعت صوت حجارة ترتطم بالنوافذ، فنظرت ورأيت نحو 30 مستوطنًا يحرقون الباص والسيارتين".

وعلى الرغم من تعرضه لخمسة اعتداءات سابقة، كان المشهد الذي عاشه الهندي هذه المرة مختلفًا، يصف تفاصيله، قائلًا: "كان مشهدًا مرعبًا، أطفالي بالداخل يعيشون حالة رعب، خشيت على أولادي ومصدر رزقي وبيتي".

نقل الهندي أطفاله الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وخمسة أعوام، أحدهم طفل رضيع، وزوجته، ووالدته المسنة إلى غرفةٍ بعيدة عن باب المنزل، خشية أن يكمل المستوطنون جريمتهم ويحرقوا المنزل.

لم يدم الحدث أكثر من خمس دقائق، حتى لاحظ الهندي من النافذة قدوم سيارات لمواطنين فلسطينيين من "بورين" تجاه منزله الواقع على أطراف القرية في منطقة خلاء قريبة من مستوطنة "يتسهار".

"كان المستوطنون يسارعون إلى حرق السيارات كي يتوجهوا إلى المنزل، لكنهم عندما سمعوا صوت السيارات القادمة، انسحبوا من المكان بحماية جيش الاحتلال، وأخذوا يراقبون من بعيد، فساعدني الشباب في إطفاء الباص، ومن ثم ذهبوا إلى المستوطنين وأبعدوهم عن المكان"، يضيف الهندي.

اقرأ أيضاً: الاحتلال يحكم بالسجن المخفف على مدان بقتل عائلة دوابشة

وقد ساعد امتلاك الهندي ثلاث أسطوانات لإطفاء الحريق في منع انتشار النار قبل أن تلتهم الباص كاملًا، إذ حرقت المقاعد ومقدمته.

اعتداءات سابقة

وليست المرة الأولى التي يؤمِّن فيها جيش الاحتلال الحماية للمستوطنين، ففي كل المرات السابقة التي تعرض فيها الهندي للاعتداءات يستفردون بالمنزل ويحطمون نوافذه وسياراته، إلا أنهم هذه المرة جاؤوا بنوايا قتل وحرق، كما يفيد.

ويعيش الهندي وأطفاله بمنزله الذي ورثه عن والده منذ خمسينيات القرن الماضي، وعلى الرغم من أنه لا يجاوره سوى شقيقه، وبعض المنازل البعيدة عنه وعن قرية "بورين"، فإنهم لم يفقدوا الأمن في تلك المنطقة إلا عندما أنشأ الاحتلال المستوطنة عام 1983م، وجلب "غُلاة المستوطنين وأشرسهم" ممن ينتمون إلى التيارات الدينية المتطرفة وأُطلق لهم العنان لارتكاب جرائم باستمرار بحق المواطنين الفلسطينيين.

العامل الهندي الذي بالكاد يستطيع توفير لقمة العيش لأطفاله ورعاية والدته المريضة المسنة، يطالب الجهات الفلسطينية كافة من لجان ومؤسسات بتوفير مخزن لحماية سيارته، وبناء سور للمنزل.

أما "إذا بقي الحال على ما هو عليه فإن احتمال ارتكاب جريمة الحرق ستتكرر في أي لحظة، وفرصة النجاة والمساعدة لن تكون متوفرة في كل مرة كما حدث في الاعتداء السابق"، يقول الهندي على أمل أن يصل صوته إلى الجهات المختصة والمواطنين لمنع تكرار الجريمة.