ما تفتأ المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية متابعة ما تعدها "الأنباء المقلقة" القادمة من روسيا، التي تفيد بأنها قد تزود إيران بأنظمة دفاع جوي متطورة، ستؤثر تأثيرًا كبيرًا في هجوم محتمل عليها، ولعل هذا هو الوقت الذي يحتاج فيه الاحتلال لاستغلال القنوات الدبلوماسية، ودفع الولايات المتحدة للوقوف بمقدمة الجبهة ضد طهران.
صحيح أن الاحتلال حاول في الأشهر العشرة التي مرت منذ حرب أوكرانيا البقاء على الحياد، لعدم إزعاج الروس كثيرًا، كي لا يتأثر عدوانه المستمر على سوريا، لكن الجديد المقلق لديه هو تزايد الأحاديث الأخيرة عن صفقة متوقعة بموجبها سينقل الروس طائرات مقاتلة متقدمة لإيران خاصة من طراز "سوخوي"، التي كان يفترض بيعها لمصر، لكنها ألغيت بسبب الفيتو الأمريكي.
مع العلم أن موسكو تريد أن تتلقى من طهران المزيد من الطائرات الانتحارية دون طيار، بعد أن وفرت لها نجاحات كبيرة في القتال داخل كييف، ومثل هذه النجاحات دفع المنظومة الغربية لإبداء الاستعداد لإنتاج دفاعات ضد هذه الطائرات، التي أصبحت تحديًا أمنيًا حقيقيًا للجيش الأوكراني، علمًا بأن سطرًا واحدًا يقلق الاحتلال كثيرًا، وهو الإشارة إلى قضية أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتطورة، خاصة إس300 وإس400.
وفق التقديرات الإسرائيلية، فإن هذه الأنظمة التي تسعى إيران لحيازتها ضمن هذه الصفقة، كفيلة بأن تُغير كثيرًا خطط تل أبيب الهجومية ضد منشآتها النووية، في حين أن موسكو ليس لديها المزيد لتخسره، وهي تراقب الاحتضان الذي تلقاه كييف من واشنطن، عقب منحها مساعدة بـ45 مليار دولار، ما يجعل المبلغ الإجمالي للمساعدات حتى الآن، أكثر من 1.5 تريليون دولار، وهذا يكشف أمام الروس حجم الدعم اللامحدود الذي يتلقاه الأوكرانيون من الغرب.
تخوّف الاحتلال يكمن في جملة من المحاور التي قد تتضمنها الصفقة الموعودة، أهمها خطورة انتقال مستويات متقدمة من أنظمة الدفاع الجوية القادرة على تشكيل تحد كبير ضد الطائرات الإسرائيلية الأكثر تقدمًا، ما قد يدفع الاحتلال لدخول الساحة بقوة، حتى لو تخلله نشوب مواجهة مع روسيا.
تُبدي الأوساط الإسرائيلية أن الفرصة مناسبة حاليًا للتأثير في الأمريكيين، وهي خطوة باتت مطلوبة، وأكثر أهمية من أي وقت مضى، بزعم أن روسيا تكسر الأدوات، إذ حفرت حفرة قد يكون الاحتلال مطالبًا "بسدّها"، بالعمل بسرعة مع الغرب، والتركيز على الأمريكيين، خاصة بعد فشل المحادثات النووية.
في قراءة لنظرية الفرص والمخاطر، يزعم الإسرائيليون أن التحدي الذي تمثله الصفقة النوعية بين موسكو وطهران يحمل فرصة مهمة للغاية، كونها مناسبة ملائمة لمحاولة حشد الأمريكيين لخلق تهديد حقيقي لإيران، للمرة الأولى منذ سنوات، لكن ذلك ليس مضمونًا في ضوء التوتر المتوقع بين الحكومة الإسرائيلية الناشئة وواشنطن.