لم يعد يخفى على أحد حجم الاستفادة الفلسطينية من كأس العالم التي استضافتها قطر لا سيما على صعيد القضية الفلسطينية التي ارتفعت أسهمها من خلال العلم الفلسطيني الذي كان أيقونة المونديال، والذي تكاد كل الأيادي العربية والإسلامية والصديقة في قطر حملته وعبرته عن تضامنها مع شعبه، وهو ما شكل صدمة كبيرة للكيان الصهيوني وإعلامه الخاسر الأكبر هو وكيانه من هذا المونديال، وأيضاً من خلال التغطية الإعلامية الفلسطينية من قلب الحدث.
كما ولا يعد يخفى على أحد حجم التأثير الإيجابي الكبير الذي أحدثه الأخ عبد السلام هنية، على التواجد الفلسطيني في المونديال الأكبر والأضخم والأفضل في تاريخ كأس العالم، من خلال حرصه على تسهيل مهمة وصول وإقامة وإعاشة ما يُقارب من 100 فلسطيني من داخل فلسطين وخارجها بين متطوع وصحفي ونجم من نجوم الكرة الفلسطينية، بدعم من والده الرياضي والسياسي.
وساهم الوفد الفلسطيني بتوجيهات من هنية في استثمار التواجد الفلسطيني لهم في المونديال في تعزيز دعم وقناعة العرب والمسلمين والأجانب بالقضية الفلسطينية وتثبيت الرواية الفلسطينية في الحق الفلسطيني والظلم الصهيوني.
لم ولن أُبالغ يوماً في الحديث عن أي مسؤول رياضي سواء بالدعم المبني على النجاح في العمل أو النقد المستند إلى الخلل، لأن الزيادة أو النقصان والمبالغة بهما أمر سلبي ينعكس على صاحب الرأي قبل انعكاسه على الشخصية المقصودة.
فعندما أقول أن عبد السلام هنية فرض نفسه بقوة المنطق على الساحة الرياضية، فهذا لم يأتِ من فراغ أو جزافاً أو اعتباطاً، فهو رجل عصامي بدأ من الصفر من على مدرجات الملاعب ولم يهبط على الرياضة بمظلة ذهبية، وتواجد على الساحة حتى قبل انتخابات 2006 بكثير من باب الدعم الوطني الجماهيري ومن باب الإعلام الرياضي.
لقد استثمر عبد السلام هنية كل الظروف والبيئة الرياضية الفلسطينية من أجل تطوير الرياضة عامة وكرة القدم على وجه الخصوص، انطلاقاً من شعور وطني داخلي بأن الرياضة الفلسطينية بحاجة لمن يدعمها ويرعاها بعدما كان الاهتمام بها في السابق مجرد اهتمام شكلي، وبعدما كان دعمها مالياً مجرد "رفع عتب"، حتى أن أحد وزراء المالية السابقين قال "مش ضايل علينا غير نصرف على الطابة".
فعلى مدار سنوات طويلة عانت فيها رياضتنا وبنيتها التحتية إهمالاً رسمياً أعجز القائمين على الرياضة في تلك الفترة عن تحقيق قفزات مهمة على صعيد البنية التحتية والفنية والإدارية كونهم عملوا بدون غطاء وبدون أجنحة للتحليق، وفي وقت تعمد فيه القائم الحالي على الحركة الرياضية الفلسطينية الفريق جبريل الرجوب على تهميش الرياضة في غزة وبنيتها التحتية ومستواها الفني، في ظل البحبوحة المالية التي يعيشها بسبب فتح خزائن الدولة أمامه منذ العام 2008، ناهيك عن المدخولات الأخرى، برز المُنقذ الوطني والوحدوي للرياضة في غزة، فساهم بدعم والده في التأسيس لوحدة رياضية من خلال الوفاق الرياضي الذي كان سبباً في عدم إدخال الرياضة في غزة إلى غرفة العناية المركزة بسبب الانقسام.
في ظل كل ذلك، وبدون أن يكون لديه منصب رسمي على مدار 15 عاماً، نحج هنية في الحصول على مشاريع رياضية لتعزيز قدرات البنية التحتية من ملاعب وصالات مغلقة وملاعب صغيرة بقيمة تجاوزت 35 مليون دولار من دول عربية قامت بتنفيذ تلك المشاريع بمناقصات مباشرة بينها وبين الشركات المنفذة.
كذلك لا بُد من اختيار مسمى جديد لعبد السلام هنية، وليس هناك أنسب من "القائد الأعلى للحركة الرياضية"، كيف لا وهو الذي لولا
لقد أصبح عبد السلام هنية القائد الأعلى للرياضة في غزة بعمله وحرصه على خدمة الوطن، ولم يحصل على هذه المكانة كونه ابن القائد إسماعيل هنية، على الرغم من مجرد اقتران اسمهما معاً يعني الكثير، حيث وجد هنية الكبير في نجله ما يستحق الدعم المعنوي والمالي لخدمة الوطن ورياضته.
ختاماً وبكل بساطة، من قام بتقديم جزء مما قدمه عبد السلام هنية للرياضة الفلسطينية عامة وللرياضة المظلومة في غزة على وجه الخصوص، فليقف ويُعلن عن نفسه لنقوم بتوجيه الشكر له وتكريمه على ما قدم، أما الحاسدون، فعليكم أن تقولوا خيراً أو لتصمتوا.