فلسطين أون لاين

يُصارع المرض والشوق إلى أهله

تقرير الأسير عمر عرسان.. طلب العلاج فعاقبه الاحتلال بالعزل الانفرادي

...
الأسير المريض إياد عمر عرسان
جنين/ غزة–فاطمة الزهراء العويني:

وحيداً يقاسي الأسير المريض إياد عمر عرسان من مخيم جنين ظلمات السجن، فقلما يطرق بابَ زنزانته نفرٌ من أهله، إذ تحرمهم سلطات الاحتلال منذ سنوات من زيارته، في حين ظلّ محرومًا من زيارة والديه قبل وفاتهما سنوات طويلة؛ بسبب كبر السن، والمنع الأمني، واليوم يتكالب عليه المرض والسجن، والعزل الانفرادي في ظروف غير إنسانية بالمطلق.

زيارات نادرة

للأسير إياد شقيقتان وثلاثة أشقاء، لا يزورونه إلا نادرًا، فالاحتلال الإسرائيلي لا يمنحهم تصاريح لزيارته إلا نادراً، فشقيقه "حسان" يبين لـ"فلسطين" أنه يتمنى زيارته والاطمئنان عليه.

فـ"حسان" لم تُتح له زيارته سوى مرة واحدة بعد اعتقاله بثماني سنوات، وفي المرة الثانية اشتبك مع أحد جنود الاحتلال الإسرائيلي، الذي أراد تفتيش شقيقته التي كانت برفقته، فأعادهما الجنود ولم يسمحوا لهما بالزيارة.

ومنذ ذلك الوقت والاحتلال يُدرج اسمه ضمن قائمة "المنع الأمني" ويرفض إصدار تصريح ٍ له للزيارة، "كم أتمنى أن أراه، أعلم كم هو مهمٌ للأسير أن يرى أشقاءه وأقرباءه، فهذا يخفف عنه وطأة السجن، لكن ما باليد حيلة".

ويتابع:" أنا مستعدٌ لأن أدفع كل ما أملكه من مال مقابل السماح لي بزيارته ولو لمرة واحدة، يكفي أنه حُرم من زيارة أبي وأمي لفترة طويلة، وتوفيا وهو في السجن، واليوم بالكاد يسمح الاحتلال لنا نحن الأشقاء بالزيارة".

ويتابع حسان بقلق وجود شقيقه إياد في العزل الانفرادي منذ عدة أشهر، "هذا احتلال مجرم، فبدلاً من علاج أخي المصاب بالسرطان، يعزله انفرادياً، ويحرمه من الزيارات الشحيحة أصلاً، ويضعه في معاناة نفسية وجسدية لا يعلمها إلا الله".

إهمال طبي

فالأسير إياد معزول منذ السادس والعشرين من أغسطس في إثر احتجاجه على الإهمال الطبي الذي يُمارس بحقه، ورفضه تناول العلاج الذي تقدمه له إدارة السجن، وهو "مسكنات" فقط لا تُجدي نفعاً مع مرض السرطان المنتشر في جسمه.

يقول عرسان: "إياد هو الشقيق الأصغر لنا، مات والداي وهما يحلمان أن يرياه حراً بينهما، ونحن لا نعرف الراحة وهو ما يزال أسيراً، وحالياً مريض أيضاً، ويعاني الويلات بسبب هذا المرض".

ويشير إلى أن الاحتلال يُوصد كل الأبواب أمام أهالي الأسرى ذوي المحكوميات العالية، يقول: "فشقيقي وأمثاله مدفونون بالحياة، حتى الآن لم يُسمح حتى لمحامي "هيئة شؤون الأسرى" بزيارته في عزله، ولا يسمح لنا في الوقت ذاته بتوكيل محامٍ على نفقتنا الشخصية للاطمئنان عليه".

ويضيف: "كما أن المؤسسات الدولية جميعها لا تفيد هؤلاء الأسرى ولا يمكنها أن تحسن من ظروف اعتقالهم أو حتى تجبر الاحتلال على السماح لنا بزيارتهم".

وما يزيد قلق "حسان" أن آخر زيارة قامت بها شقيقته لـ"إياد" قبل قرابة عام عادت منها في حالة انهيار عصبي بسبب الحالة التي رأته بها، "لقد ظلّت تبكي ساعات بعد العودة إلى منزلها، بعد أن رأت شقيقي خائر القوى بسبب مرض السرطان".

ورسالة أخرى زادت من قلق العائلة جاءتهم من أسير أفرج عنه مؤخرًا مفادها "أخوك استوى بالعزل"، يقول:" نحن لا نملك أي خبر عن وضعه حاليًا، نتمنى الإفراج عنه لكي يحصل على العلاج، لكننا ندرك أن (إسرائيل) مجرمة بحق الأسرى، ولا سيما المرضى منهم".

في حين يتمنى خال الأسير إياد، حسين كنانة أنْ يكحّل عينيه برؤيته، يقول: "منذ 22 عاماً لم أرَه، لا يسمحون لي بزيارته، إذ لا يعدونني من الأقارب من الدرجة الأولى".

حرمان من الحقوق

ويضيف "كنانة": "ابن شقيقتي مصاب بالسرطان منذ أكثر من عام" في الدماغ والرقبة والصدر، ويحتاج إلى عدة عمليات جراحية، وسلسلة طويلة من العلاج، في حين لا يجد من إدارة السجون سوى "الإهمال الطبي"، و"حبة مسكن"، والأنكى من ذلك أنهم يعزلونه انفرادياً لاحتجاجه على إجراءاتهم تلك".

ويتابع: "هم ينتهكون حقوق الأسرى الإنسانية، ويحرمونهم من العلاج ومن زيارة أقربائهم، ولا يسمحون لجميع أشقائهم بزيارتهم، ومَنْ يسمحون لهم منهم ليس دائمًا، فقد تمر سنوات دون أن يزوروهم".

فقد تُوفيت شقيقتي "أم عرسان" كمدًا وقهرًا لعجزها عن زيارة "إياد"، فهي لم ترَه في السنوات العشر الأخيرة قبل وفاتها، فقد أقعدها المرض، ورفض الاحتلال كل التدخلات من المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية للسماح لها بزيارته عبر سيارة إسعاف.

ويضيف:" كانت تتوسل أن يسمحوا لها بزيارته مدة دقيقتين فقط، لكنهم كانوا يرفضون ذلك؛ لأن وضعها الصحي لا يسمح لها بزيارته من وراء الزجاج، بل يجب أن يسمحوا لها بدخول الزنزانة، لا يريدون لها أن تحتضنه، أما والده فكانوا يسمحون له أحياناً، وفي أحيان أخرى يرفضون، لقد توفي وهو لم يروِ شوقه لابنه".

ويترقب كنانة بشوق أي خبر عن "إياد" من الأسرى المفرج عنهم الذين قد يكونون قضوا معه بعض الأوقات، "إياد في وضع صحي خطير، ولكن ذلك لم يشفع له لدى سلطات الاحتلال التي تواصل معاقبته دون النظر إلى وضعه الإنساني".

ومن جهته، حمّل نادي الأسير إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير الأسير المريض بالسرطان إياد نظير عمر "عرسان" من جراء عزله المتواصل.

يذكر أن الأسير إياد عمر معتقل منذ عام 2002م، إذ يتهمه الاحتلال بالتصدي له، والمشاركة في عمليات للمقاومة في الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى"، ومسؤوليته عن إصابة عدد من جنود الاحتلال، ويقضي حكماً بالسجن مدة 25 سنة.