فلسطين أون لاين

تقرير في زنازين الاحتلال.. الأسير الرفاعي يُقاسي ظلمة السجن والألم

...
الأسير عاصف الرفاعي - أرشيف
رام الله – غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

لم يشفع له مرضه بالسرطان أمام قوات الاحتلال الإسرائيلي التي دهمت منزل عائلته وقلبته رأسًا على عقب لتعتقله، ثم تزج به في غياهب سجونها دون أي اهتمام لوضعه الصحي البالغ الخطورة، بل وتمعن بالتنكيل به بعدم إخضاعه للعلاج حتى اللحظة.

ورغم حداثة سن عاصف (20 عامًا) فإن عائلته اعتادت اعتقالات الاحتلال المتكررة له، حيث يعتقله للمرة الرابعة لكنها ليست كسابقاتها وفق والده عبد المعطي، الذي يبدي قلقًا شديدًا على حياة ابنه.

اقرأ أيضاً: أسرى "عوفر" يقررون إرجاع وجبتي طعام تضامنا مع الأسيرين "أبو حميد" و"دقة"

يقول: "اعتُقل عاصف ثلاث مرات وخضع لأحكام مخففة، وبعد ثلاثة أشهر من تحرره في المرة الثالثة اكتشفنا إصابته بالسرطان، فجأة عانى آلامًا في البطن، عالجناه مرارًا وأخذ أدوية على أنه مصاب بجرثومة في المعدة".

ويضيف: "لكن حالته كانت تزداد سوءًا، وبعد فحوصات وإخضاعه لصورة طبقية أدخلوه مباشرة لغرفة العمليات دون أن يوضحوا لنا شيئًا، وما إن خرج الأطباء من الغرفة حتى أخبرونا أن "عاصف" مصاب بالسرطان وأنهم استأصلوا ورمًا خبيثًا من جسده".

بدأت رحلة المعاناة لـ"عاصف" وعائلته فخضع لعمليتين جراحيتيْن أخريان، ثم شرع في علاج كيماوي حيث قرر له الأطباء اثني عشرة جلسة، خضع لثمانية منها إلى أن فوجئ ذووه باقتحام الاحتلال للمنزل واعتقاله.

لم يكن عاصف قد تعافى بعد من أثر العمليات الجراحية، فهناك فتحتان في بطنه للإخراج، لكن سوء وضعه الصحي لم يشفع له عند الاحتلال، الذي دهم المنزل، وأجبره على المشي عشرة كيلومترات في الطرق الجبلية من رام الله إلى سلفيت.

ولكون عبد المعطي أسيرًا سابقًا وقضى في سجون الاحتلال قرابة عشر سنوات، فإنه غير مطمئن البتة لوضع ابنه، يقول: "نحن المحررين نعلم ما هي سجون الاحتلال؟ وما يحدث داخلها من معاملة سيئة للأسرى خاصة المرضى منهم وإجرام إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً: تقرير عائلة الأسير المريض بالسرطان "أبو حميد" تخشى استشهاده في أي لحظة

ومنذ اعتقال "عاصف" لم يُعرض على أي طبيب ولم يتناول أي علاج خاص بالسرطان، "إنه يموت ألمًا ووجعًا ولا ينام طول الليل من الأنين، هكذا أسرّ لي أثناء رؤيتي له في المحاكم، حيث لا يُسمح لنا بزيارته حتى اللحظة".

ويضيف الرفاعي: "وقفتُ في إحدى جلسات محاكمة ابني وكشفتُ عن بطنه للقاضي الإسرائيلي لكن دون جدوى، فهم يتلذذون بمشاهد عذابنا، ومعاناتنا، وللأسف لا يوجد أي منظمات دولية أو حقوقية يمكنها الضغط على الاحتلال".

ويتابع: "كون عاصف مصابًا بالسرطان فنحن كنا نشعر بالقلق عليه وهو بيننا لصعوبة وضعه الصحي فهو في المرحلة الثالثة من انتشار المرض، فكيف الآن وهو في زنزانة باردة وبين أيدي محتلين لا يعرفون الرحمة".

ويشير إلى أن الفتحات في بطن "عاصف" أصبحت تنزف دمًا، كما أن وضعه في تدهور مستمر إذ إنه منذ اعتقاله في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي لم يخضع لأي جلسة علاج كيماوي.

ويتابع: "من المفترض أن يكون ابني حاليًا في المشفى وتحت رعاية صحية حثيثة، وليس في زنزانة لا تصلح حتى للأصحاء، يا ليتهم يقبلون بأن أُسجن بدلًا منه لن أتردد في قبول ذلك لحظة واحدة".

وبدت علامات القلق جلية على ملامح والدة عاصف التي لم تتوقع بتاتًا أنْ يقدم الاحتلال على اعتقال ابنها لسوء وضعه الصحي، وقالت: "لقد دهموا المنزل في الساعة السادسة صباحًا، وقلبوه رأسًا على عقب، واعتدوا على ابني الكبير "عاصم بالضرب" الذي ظلّ يعاني آثاره شهرين متتاليين".

وأضافت: "أخذوا عاصف وهو لا يقوى على المشي، سيرًا على الأقدام إلى المعتقل، وهم يعلمون صعوبة وضعه الصحي، وكأنهم يريدون قتله".

ولا تعرف جفون والدة عاصف النوم وابنها المريض حبيس أربعة جدران في زنزانته دون علاج أو أي عناية طبية، "لكن ما باليد من حيلة، فنحن نناشد للإفراج عنه أو حتى السماح لنا بزيارته، حسبنا الله ونعم الوكيل، رأيناه آخر مرة في أثناء محاكمته في الثلاثين من نوفمبر، وهو يخضع لإهمال طبي متعمد".

ومؤخرًا أكد نادي الأسير أنّ الوضع الصحيّ للمعتقل عاصف الرفاعي المصاب بالسرطان في تدهور مستمر، حيث تتعمد إدارة السّجون منذ اعتقاله في الـ 24 من أيلول/ سبتمبر الماضي، المماطلة في نقله إلى المستشفى، وكذلك في إجراء الفحوص الطبيّة اللازمة له، حيث يقبع في سجن "عوفر".

والأسير الرفاعي (20 عامًا)، من بلدة كفر عين شمال رام الله، مصاب بسرطان في القولون والغدد، حيث تؤكد التّقارير الطبيّة قبل اعتقاله أنّ وضعه الصحيّ خطير، وأنّه بحاجة إلى متابعة صحية حثيثة.